Powered By Blogger

الثلاثاء، 7 أبريل 2009

vertical organization

hierarchically structured organization where all management activities are controlled by a centralized management staff. This traditional type of organization often develops strong bureaucratic control over all organizational activities.

Bureaucracy sucks

We say no to:

Compromise
Complacency
Bureaucracy
Red tape
Lowest common denominators
Middle managemet
Second guessing
Herd mentality

So we can say yes to good ideas.

BMW fights bureaucracy. This is cool. Why is it cool?

1: Bureaucracy kills happiness at work
Bureaucracy saps people’s energy and motivation. If you don’t believe me, read Orbiting the Giant Hairball by Gordon Mackenzie. It’s an excellent book about how to thrive in organizitions plagued by red tape.

2: Branding through good corporate identity rules
BMW are choosing to brand themselves not through their products or technology but through how they run their business.

3: Branding that matches products rules
This campaing works only because the corporate identity they are expressing happens to match the products. BMW’s vehicles (I’m the proud owner of one myself) are innovative and exciting matching the (mildly) revolutionary message of the ads.

It’s great to see companies making a stand against bureaucracy and It’s even better to see companies making bold, positive identities and standing by them.

It just struck me though: Is anyone else surprised to see such an anti-authoritarian message… from a German company :o)

المجالس البلدية في طريق الديمقراطية

قد يتردد أي مجتمع من المجتمعات - التي هي خارج حدود الممارسة الديمقراطية- من الخوض او الدخول الى ابجدية الممارسة الديمقراطية وذلك خوفا من السقوط في منزلقات او السير في نهج بعض صدور الديمقراطية القائمة والتي قد تكون متناقضة مع بعض ثوابت الأمة، فان كانت هذه المخاوف تبرر التريث والتأني في خطوات الديمقراطية فإنها لاتبرر بأي حال من الاحوال عدم البدء في المسيرة الديمقراطية التي اصبحت العلامة الأساسية في كرامة الانسان ودليل على احترام وجودة وانسانيته، والديمقراطية ليست كلمة مقدسة بذاتها ولا يمكن ان ينسب الأمل الديمقراطي على مبتدع هذه الكلمة بل هي مصطلح اتفق على استخدامه للتعبير عن الاجماع وخضوع الأقلية للأغلبية مع صيانة حقوق الأقلية ضمن ممارسة الأكثرية لحقوقها، فالاسلام مارس الديمقراطية بصفتها دون استخدام كلمتها فالاجماع هو احد اسس الافتاء وقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (ما أجتمعت أمتي على باطل) دليل قاطع على شمولية الاسلام لجميع حياة الانسان ويضمنها الممارسة الفعلية لما اصطلح عليه بالديمقراطية بل ان كل الأمم المتحضرة مهما اختلفت أساسياتها لا تجتمع الا على الخير فالانسان قد جبل على الخير والديمقراطية هي احد انواع الخير الذي يتطلع له الناس، وبالطبع لا يمكن تعميم الممارسة الديمقراطية بجميع مفرداتها على جميع المجتمعات دون النظر الى الثوابت والخصوصية التي يتمتع بها كل تجمع انساني على حدة، وبطبيعة الحال فانه يجب التفريق بين ادوات تطبيق الديمقراطية والممارسة الفعلية للديمقراطية، فادوات الديمقراطية تتمثل في الانتخابات والحوارات المفتوحة وتشريعات الحماية لحرية الرأي والتعبير، ولكن التطبيق الفعلي لا يمكن ان يعطي نتائج ايجابية الا من خلال ايمان الفرد والمجتمع بالخضوع لأدوات الديمقراطية ونتائجها، فلا يمكن تصور الروح الديقراطية عند اي فرد ان لم يكن يمارسها في دوائرها الضيقة كالبيت والادارة والمدارس وغيرها من المرافق والمؤسسات العامة والخاصة، فالايمان بمبدأ ممارسة الديمقراطية هو الاساس قبل الشروع بتحريك آليات تنفيذها.وبالعودة الى موضوع المقال، فأننا نستطيع القول إن طرح فكرة الانتخابات البلدية هو تطبيق واستخدام لاحدى ادوات الممارسة الديمقراطية مما يستوجب ان يأتي بعدها التطبيق الفعلي للممارسة الديمقراطية، وهذا لا يتأتى الا عندما تكون تركيبة المشاركين في هذه المجالس هم ممن لديهم ايمان شخصي بالديمقراطية ومستعدون لتقبل نتائجها، ومن وجهة نظري الشخصية ومن اجل تحقيقها والاستفادة بالقدر الاكبر من هذه الخطوة فاني اقترح بعض الامور التي يجب مراعاتها في هذه المجالس وهي:1ـ تخصيص معونات مالية للمرشحين للتعريف ببرامجهم الانتخابية للناخبين وذلك لمن ليس لديهم الامكانات المادية لتحمل التكاليف المترتبة على الترشيح، وذلك لاتاحة اكبر قدر من الفرص للترشيح وعدم حصرها على من هم قادرون على تحمل التكاليف المادية للحملة الانتخابية.2ـ تخصيص وسائل اعلام مناسبة للدعاية الانتخابية وضمن اطار زمني محدد وبصورة عادلة للجميع.3ـ وان كان لابد من تعيين اعضاء في المجالس فنرجو الا يزيد على الثلث بدلا من النصف، وذلك لاعطاء فعالية ومصداقية اكبر لعمل المجالس.4ـ أن يكون رئيس المجلس من الأعضاء المنتخبين.5ـ تحديد عدد الدورات الانتخابية المسموح بالمشاركة فيها من قبل الأعضاء بما لا يزيد على دورتين، وذلك للقضاء على البيروقراطية وافساح المجال الى أكبر عدد من المواطنين للمشاركة فيها.عبدالله ابراهيم الزهير

تضخم البيروقراطية وقرارات التضخم


أصدرت الحكومة أخيراً قرارات كثيرة ومهمة بشأن كيفية علاج التضخم الذي تعانيه البلاد، وقد كانت القرارات ذات شقين؛ الأول شعبي قد يساعد في تخفيف الغلاء آنياً وفي نفس الوقت زيادة الأسعار، كما أوضحنا ذلك في مقال سابق، وذلك عبر زيادة الإنفاق الحكومي من خلال الدعم المباشر للسلع، مما يؤدي حتماً إلى زيادة غير مبررة للأسعار، أما الشق الثاني فأتى فنياً وعلاجياً لمكافحة ظاهرة الغلاء والعمل على كبح جماح التضخم، وأهم هذه القرارات هي المتعلقة بدعم البنك المركزي في استخدام الأدوات المناسبة، وإنشاء المناطق التخزينية واللوجستية في المناطق الحدودية، إلا أن السؤال المهم هو متى سترى هذه القرارات النور؟
فالعبرة هنا هي ليست في البدء، بل في الإسراع بتنفيذ هذه القرارات، فلو افترضنا جدلا أن القرار الخاص بإنشاء شركة التخزين صدر في صبيحة الغد، لبدأت هذه الشركة في تقديم خدمات التخزين قبل عام من اليوم. إن الواقع المؤلم هو أن الحكومة العتيدة وضعت اصبعها على مكمن الألم، لا بل حصلت على قائمة بالعلاجات المطلوبة لمكافحة التضخم، إلا أن البيروقراطية الكويتية هي العثرة الحقيقية التي تحول دون البدء في العلاج. ونحن اليوم بأحوج ما نكون لشجاعة حكومية تبدأ بإصدار مراسيم ضرورة لإنشاء هذه الشركات من دون انتظار اجتماع مجلس الأمة، وقد يكون من الافضل إيكال المهمة إلى إحدى المؤسسات المستقلة، كالصندوق الكويتي للتنمية، أو هيئة الاستثمار حتى نلتف بطريق غير مباشر على البيروقراطية. والأمل الأكبر هو في أن تتحلى الحكومة بشجاعة أكبر، بأن تقوم بتوفير مساحات تخزينية وتأجيرها للشركات الراغبة في ذلك، وللأمانة العلمية فقد قدمت غرفة التجارة والصناعة دراسة عن هذه الجزئية إلى أصحاب القرار قبل أعوام، إلا أن البيروقراطية المترسخة وعدم وجود رؤية استقرائية لمستقبل الاقتصاد الكويتي أرسلت هذه الدراسة إلى الحفظ في أدراج حكومية.
من الواضح أن التضخم الذي نعانيه اليوم ليس تضخماً للاسعار فحسب، بل هو تضخم يصيب جميع أجهزة الدولة بشقيها التشريعي والتنفيذي، وهذه هي العلة الرئيسية في وقف عجلة النمو الاقتصادي، التي بدأت أشك في دورانها بالاتجاه المعاكس، في ظل الجمود الحكومي، وغياب النهضة التنموية عن أجندة مجلس الأمة.
قسم الاقتصاد - جامعة الكويت

مشكلة التضخم


إن البيروقراطية النامية تتسم بالتضخم وكبر الحجم ، وينتج عن ذلك أثار متعددة ، فى مقدمتها : النتائج الحسابية للأعداد الكبيرة من العاملين وما يترتب عليها من تعدد العلاقات وتشابكها ، وثانيها : الصعوبات المتزايدة التى تعوق فاعلية عملية الاتصالات داخل المنظمة ، وخاصة ما يتعلق منها الرياسة ، بسبب الاختلافات والمستويات العديدة والميول الانعزالية المترتبطة على التخصص وتقسيم العمل ، وثالثاً : العدد المتزايد من المصالح المتعارضة والصراعات الداخلية – إيجابية كانت أو سلبية – التى تظهر بين الأفراد والجماعات المتزايدة العدد ، فالمنظمات التى بها أعداد كبيرة من الموظفين ليست فى حاجة لعالم خارجها يشغلها ، فالتيارات والصراعات والخلافات الداخلية يمكن أن تشغل كل وقتها وتصل بها إلى حالة من أمراض البيروقراطية تحيد بالمنظمة عن هدفها الأصلي وتصبح هدفاً فى ذاتها ، ينشغل العاملون فيها بأهدافهم الشخصية ، وما يرتبط بذلك من المشكلات والمطالب والوسائل المالية والإدارية الخاصة .

الاستبداد بالسلطة


بعض المظاهر التى اتخذها ممارسة السلطة البيروقراطية قد تحولت بها إلى معان هي أبعد ما تكون عن الأصول السليمة التى يجب أن يتصف بها أداء الخدمة العامة فى المجتمع ، ومع ذلك أن الشكل الغالب فى المعاملة فى كثير من الأحيان هو تعمد الإساءة إلى ( شعور المراجعين ) أو السخرية منهم ، وإيلامهم بطريقة تزيد من غضب " المراجع " ونفوره من الأجهزة ، كما أنه فى حالات أخري يعمد أعضاء هذا الجهاز البيروقراطي إلى تعطيل مصالح الأفراد إمعاناً فى استظهار الأهمية ، وتذليلاً على أن السلطة التى بين أيديهم هي وحدها التى تتحكم فى هذه المصالح . ومثل هذه التصرفات تؤصل أنماطاً من السلوك البيروقراطي لا تتفق إطلاقاً مع القيم والمثل التى يجب أن تلتزم بها تلك الأجهزة فى معاملاتها .

الانحراف الإداري

الانحراف الإداري ينتج عنه عدة مصادر من أهمها :
1/1- تخلف القيادات الإدارية وضعف تأثيرها على مجموعات التابعين .
1/2- سوء التربية الاجتماعية والقومية وتخلف المناخ الاجتماعي العام .
1/3- ضعف المستوي المادي للوظيفة الحكومية .
1/4- عدم كفاية نظم الحوافز المادية والأدبية المعمول بها .
1/5- سيطرة الشعور بالقلق النفسي وعدم الأمان .
1/6- إحساس العاملين فى الأجهزة البيروقراطية بن هذه الأجهزة أداة للسيطرة والتسلط وليست أداة لخدمة المجتمع .

شبكة التطوير التنظيمي (الشبكة الإدارية) (OD GRID):

لقد وُضِعَ هذا الأسلوب من قبل العالمين "روبرت بليك" وزميليه "جين موتون" (Blach & Meuton) سنة 1985 (26)، ويقوم أسلوب الشبكة الإدارية على افتراض إمكان أن يجمع المدراء بين هدفين رئيسين هما: زيادة الإنتاجية من ناحية والاهتمام بالقيم الإنسانية من ناحية أخرى، ودون أن يكون بينهما تعارض أو تناقض، ويأخذ أسلوب الشبكة الإدارية شكل العرض التصوري لخمسة نماذج من السلوك الإداري، مؤسسة على متغيرين هما: الاهتمام بالإنتاج أو العمل، الاهتمام بالعاملين، ويتم تطبيق الأسلوب من خلال سلسلة من الممارسات تهدف إلى إعطاء المديرين الفرص لتحليل أوضاعهم عن طريق الشبكة، وبالتالي تعظيم الفرصة للوصول إلى الوضع المثالي، هذا الأسلوب يأخذ تطبيقه مدة مابين سنتين إلى ثلاث سنوات، ومن خلاله يتم التعرف على المدراء وأسلوبهم في القيادة والعمل على تطوير ذلك الأسلوب المتبع من المدراء ليأخذ شكله المثالي بالإضافة إلى تطوير الأسلوب القيادي، مع إخضاع التجربة بعد تنفيذها للتقييم المستمر والمنظم، وذلك بهدف تحسينها وتطويرها(27).
وقد طَوَرَ "بليك وموتون" أسلوب الشبكة الإدارية الذي بمقتضاه يستطيع المشاركين بالبرنامج التطويري من المديرين ومساعديهم اكتشاف نمط القيادة السائد لديهم أو لدى المشاركين معهم ليقارنوا بين فاعلية الأنماط وكفاءتها، ويختاروا بأنفسهم الأسلوب الذي يجعلهم يتحولون للنمط الأفضل الذي يوفق بين تحقيق أعلى إنتاجية وأعلى رضا للعاملين، من خلال اختيار النمط الملائم من بين الأنماط الخمسة التالية:
ا- نمط المدير المنسحب الذي لا يهتم لا بالعمل ولا بالعاملين.
ب- نمط المدير الاجتماعي الذي يهتم بالعاملين على حساب العمل.
ج- نمط المدير المتأرجح الذي يوزع اهتمامه بين العمل والعاملين.
د- نمط المدير المنتج الذي يهتم بتحقيق أعلى إنتاج وأقل رضا.
ه- نمط المدير الفرقي والمفضل الذي يحقق أعلى إنتاج وأعلى رضا.

دواعي التغيير وأهميته بالنسبة للمؤسسة:

في ظل التحولات العميقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، والذي وصف بأوصاف شتى: اقتصاد المعرفة، الاقتصاد الرقمي، اقتصاد المعلومات، والتي انعكست بوضوح على قطاع الأعمال، لم يعد هناك مكان للتسيير التقليدي الذي يقوم على قرارات فردية يتخذها صاحب المؤسسة (أو المسير)، حيث المعلومات كانت محدودة والأدوات والآليات متواضعة نسبيا والهياكل أقل بساطة، فالأسواق اليوم أصبحت مُعَولمة، ودورات حياة المنتجات تقلصت، وظاهرة المؤسسات العابرة للقارات تنامت (المؤسسة الشبكة)، واتخاذ القرارات أصبح يعتمد أكثر فأكثر على الأنظمة الخبيرة ... إلى غير ذلك من التحولات، وهذا يجعل من التغيير لا مناص منه(1)، وفي هذا الصدد يؤكد (Wind & Main) أنه من الصعب أن توجد مؤسسات تعمل في الوقت الحاضر كما كانت تعمل في الثمانينات، لأن الكثير يحاول التكيف والتعامل مع التغيير والتطور السريع، إلا أن القليل منها استطاع أن ينجح في ذلك، ويرجع السبب الرئيسي في إخفاق الكثير منها إلى غياب الكفاءات وأن القياديين في تلك المؤسسات لم يستطيعوا توفير المتطلبات الرئيسية لعملية التغيير والتعامل معه بالشكل الصحيح(2).
ومن منظور الاقتراب التنظيمي للمؤسسة، أي باعتبارها نظام يتكون من مجموعة أنظمة فرعية تتفاعل فيما بينها، وكونها تتواجد في نظام خارجي يتكون بدوره من أنظمة فرعية أخرى أشمل (اقتصادية، سياسية، اجتماعية)، فإن التغيير في هذه الأنظمة ينعكس في تغيير المؤسسة بالضرورة

انعكاسات البيروقراطية على التنمية

وقد عاشت البيروقراطية عبر السنين، لكنها لم تلق في يوم من الايام مثل هذا الاهتمام الذي تحظى به الان مما يجعلها في مفترق الطرق فهي حينا تدرس كظاهرة، ثم تهاجم كمرض ثم تساند كواقع لابد منه ثم انها موضوع نقد وموضوع اهتمام.ومنذ بضعة اعوام والصيحات تعلو شيئا فشيئا حول البيروقراطية ومن جرائها اغلبهم يحذر منها ومن شرورها وينبه الى القضاء عليها، وهي وسط كل هذا تنمو وتتضخم غير مبالية بما يدور حولها من صيحات استهجان او اصوات تأييد حتى لم يعد هناك امل في القضاء عليها في المستقبل.ومن هنا لزم تفهم البيروقراطية في اطارها الصحيح من خلالها حقائق الحياة المحيطة بها، ومدى تأثر البيروقراطية بالمناخ المعاصر لها.فالبيروقراطيون من صنع مجتمعهم يتأثرون به وبالاحوال السائدة فيه ولكنهم ايضا في وقتنا الحاضر هم الذين يغيرون المجتمع ويشيدون المستقبل ويقودون معارك التنمية.واستنادا الى الفكرة التي ترى ان العمل البيروقراطي النشيط والفعال يشكل ضرورة ماسة لكل مستويات ومراحل النمو والتطور الاقتصادي فانه بالمقابل يشكل عبئا مضافا على استمرار زخم عملية التطور والابداع وعليه فان هذا البحث يهدف الى التركيز على عناصر الفعل البيروقراطي غير النشط والذي يشكل في العديد من مراحل تطوره عاملا مثبطا ومعرقلا لحركة او عملية التطور الاقتصادي، واطاراً مسانداً لخلق بيئة مساعدة لنمو ظاهرة الفساد الاداري بمختلف اشكاله.تتجه غالبية الدول اليوم- ولاسيما دول العالم الثالث- نحو تحقيق تنمية قومية شاملة تجمع بين التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والادارية والثقافية جميعا، والتنمية لا تحقق نفسها بنفسها انما عليها ان تعتمد على جهاز ضخم يسعى بالدولة نحو هذه التنمية، هذا الجهاز هو التنظيم الاداري او التنظيم البيروقراطي الحكومي باجزائه المختلفة.والبيروقراطية.. وان كانت وسيلة لتحقيق التنمية القومية في مجتمع ما.. الا انها كأية منظمة تعيش في اي مجتمع تتأثر بكل ما يؤثر في هذا المجتمع ومن هذه المؤثرات عملية التنمية ذاتها، فالبيروقراطية في الوقت نفسه وسيلة للتغيير الاجتماعي وهي كذلك تتأثر بالتغير الاجتماعي بل لابد ان تتفاعل معه حتى تصبح اكثر قدرة على تحقيق اهدافها والبيروقراطية كاحدى المنظمات الاساسية في الدول النامية لا يسعها الا ان تتأثر بكل ما يؤثر في الدولة النامية من مؤثرات وعليها ان تواجه كل ما يصـادف المجتمعـات النـامية من تحديات ومشـكلات.ومن السمات والتحديات التي تواجه البيروقراطية الحكومية خلال مرحلة الانطلاق واثناء عملية التنمية القومية الشاملة ما يلي:1- الاوضاع الاقتصادية:ان الادارة العامة بوصفها تنفيذا للسياسات العامة فان اول متطلباتها هي سياسة عامة واضحة محددة والدول النامية تواجه عادة تغييرات جذرية ناتجة من عملية الاستقلال السياسي ومتطلبات التنمية والتغير الاجتماعي.وكل ذلك يؤدي الى تحولات في السياسة العامة قبل ان تكون الاجهزة الادارية معدة لها بل اكثر من ذلك فان السياسة الجديدة كثيرا ما تكون غير واضحة المعالم او محددة الاطار.. انما خاضعة للتجربة والخطأ وتظل سياسات الدول النامية على هذه الحال فترة تمر بها الدول المختلفة في تجارب عدة ثم تخرج من واقعها بفلسفتها المناسبة التي تبنى عليها السياسة العامة التي تناسبها والتي تتفق مع قيمها وانماطها وامكانياتها وتعمل على تحقيق اكبر قدر من اهدافها وخلال هذه المرحلة تعيش الادارة العامة في ضباب لا يساعد على تبين الهدف ومن ثم يكون طريق السعي الى تحقيقه طريقا بطيئا متعثرا.2- التدخل السياسي:الى جانب عدم وضوح الاهداف السياسية العامة في كثير من الدول النامية فان بعضها يعاني من تدخل الاعتبارات السياسية في اعمال الجهاز الاداري لدرجة تفوق ما يتطلبه التغير السياسي والاجتماعي من تدخل ورغبة في الابقاء على مساندة الشعب ومؤازرته نجد ان كثيرا من الدول النامية تعطي اولوية لمشروعات ليس لان لها اولوية وفاعلية في تحقيق التنمية ولكن لان لها شعبية مما يحد من سرعة تحقيق التنمية.3- زيادة اعباء الجهاز البيروقراطي:ان اتساع نطاق العمل الحكومي بالتحول نحو الدولة الايجابية او دولة الادارة ودخول الدول في مجالات ما كانت تطرقها من قبل ولكنها ولاسيما في الدول النامية وجدت نفسها مضطرة الى دخولها من اجل تحقيق التنمية ادى الى النمو السريع للجهاز البيروقراطي وتزايد عدد وحداته وعدد العاملين به وعدد المتعاملين معه وهذه الزيادة التي جاءت طفرة لم تصاحبها زيادة في الامكانات البشرية ولا في الموارد ولا في ادراك الجماهير لدورهم في انجاح العمل الاداري.4- نقص الموارد المادية:وتعاني اغلب الدول النامية من مشاكل اقتصادية كثيرة اما لعدم توافر الامكانيات المادية او لعدم استثمارها لما لديها من امكانيات او بسبب التبعية الاقتصادية او الاستعمار الاقتصادي المقنع ولكل هذا اثره في الحد من فاعلية الاجهزة البيروقراطية وامدادها بما تحتاجه من اموال وموارد لتحقيق اهدافها.5- نقص الكفاءات البشرية:والدول التي استقلت حديثا تواجه تحديا اخر فهي من ناحية لا تتوافر فيها الاعداد الكافية من الفنيين الذين لاغنى لها عنهم من اجل تحقيق التنمية ومن ناحية اخرى زادت حاجتها الى تدعيم جهازها البيروقراطي باعداد اكثر من هؤلاء الفنيين بعد ان اتسع نطاق نشاطها ويزيد من حدة الموقف عوامل اخرى منها طرد اعداد كثيرة من الاجانب ذوي الخبرة وهجرة اعداد من ابنائها ذوي الخبرات الى الخارج ثم تفضيل اعداد اخرى منهم العمل في نطاق الاعمال الخاصة على الالتحاق بالاجهزة الحكومية.6- عدم توافر البيانات:ومن المشاكل التي تواجهها الاجهزة البيروقراطية عدم توافر البيانات والمعلومات اللازمة للتخطيط ولذلك كثيرا ما تجيء الخطط التي تسعى اليها البيروقراطية غير واقعية او غير فعالة، ونقص البيانات والاحصاءات والدراسات المتصلة بعمليات التخطيط وعدم دقتها او تنظيمها وعدم وصولها في الوقت المناسب سواء كان ذلك لاسباب تتصل بالوعي التخطيطي او باجهزة التخطيط نفسها او لنقص الفنيين او غيره يقلل فرص الافادة منها ويعرض عملية التخطيط ومن ثم عملية التنمية لكثير من المشاكل.7- التخلف الحضاري:ومن اهم التحديات في نظرنا وفي مقدمتها التخلف الحضاري الذي تعاني منه البيروقراطية فهناك عادة مسافة واسعة وهوة سحيقة بين التقدم المادي الذي تحققه التنظيمات البيروقراطية وبين الافكار والقيم والعادات والتقاليد التي تتحكم في سلوك العاملين به لان التغير الحضاري المتصل بهذه النواحي يحتاج لمزيد من الوقت والجهد الضروريين ويلزم البدء به في المجتمع ككل ليمكنه ان يحدد رد فعل ملموس وذا أثر مستمر في الجهاز الحكومي وسر ذلك ان البيروقراطية ف يمجتمع ما تتأثر حتما بالاحوال الملابسة لهذا المجتمع والتيار الفكري الذي يسري فيه والعادات والتقاليد وانماط السلوك المتعارف عليها وهي بذلك لا يمكن ان تتخلص تماما من اثر مثل هذه العوامل على المجتمع او من فعلها فيه وبعبارة اخرى نجد البيروقراطيين يمثلون عينة حقيقية للبيئة التي منها يستمدون وفيها يعيشون.ولما كانت الصفة الغالبة للمجتمعات النامية انها مجتمع زراعي او ذات محصول واحد فان القيم التي تسيطر على الحياة في هذا النوع من المجتمعات تشد اليها البيروقراطية وبصفة خاصة افرادها العاملين بالمستويات الدنيا والريف ولهذا السبب وليس دائما لنقص في الكفاية او الخبرة او الولاء نجد ان بعض المشاكل والمعوقات التي تتصل بالتنفيذ والادارة لا يمكن حلها او التخلص منها باجراءات مادية او قرارات ادارية او تنظيمات بيروقراطية مهما احكمنا اخراجها انما بتغييرات اجتماعية وثقافية شاملة.8- القيم الاجتماعية:تصادف معظم حكومات الدول النامية صعوبات جمة تتصل بتغيير النواحي الاجتماعية فالحكومات في الدول النامية الساعية للتقدم تعمل جاهدة لتغيير عادات وطباع وانماط سلوك مختلفة لشعوب محافظة تخشى التغيير وتقاومه والحكومات في التزامها بهذا الدور لا تؤديه عادة لاعتبارات مذهبية بقدر احساسها بان لديها حاجة ملحة لذلك تحت ضغط متطلبات الحياة الاقتصادية الحديثة وكثير من هذه القيم والعادات يعرقل عمليات التنمية ويحد من قيمة محاولات الارتفاع بمستوى كفاية الاجهزة الادارية ومن امثلة ذلك انعدام الوعي التخطيطي او العصبية الاسرية التي هي اساس المحسوبية الحكومية والاسراف والعنجهية والاهتمام بالمظاهر وعدم الثقة وعدم احترام الوقت وظاهرة اخرى هامة هي ما يعبر عنها (برجر) بظاهرة الشعور بالعداء Floating Hostility ومنها ايضا عدم الموضوعية في اتخاذ القرارات، وعدم الاهتمام الكافي بقطاعات الطفولة والشباب في عدد من الدول على رغم ما لهذه القطاعات من خطورة في تحديد وتحقيق اهداف التنمية.9- مكانة المرأة في المجتمع:ومن ابرز هذه العقبات مكانة المرأة في المجتمعات التي مازالت في طريق النمو، إذ لا تحظى بنفس المكانة التي تحظى بها المرأة في الدول المتقدمة وبذلك حرمت الدول النامية من طاقة لها قيمتها ويؤكد بعض الكتاب ان من مشاكل الادارة في الدول العربية وصف المرأة في منزلة دون منزلة الرجل مع ان الاسلام رفع من شأنها ويظهر ذلك في تأخر فرص تعليمها ولاسيما في الريف والبادية وفي تأخر قبولها موظفة في سلك الوظائف الحكومية وفي التردد في تعيينها في مراكز قيادية وان تساوت مؤهلاتها مع الرجل.ان نصف السكان في المجتمع العربي وهم النساء في وضع لا يسمح له الا بمشاركة جزئية في تنمية المجتمع وتطويره مع ان البحوث العلمية والخبرات العملية اثبتت ان طاقة النساء لا تقل عن طاقة الرجال في غالبية نواحي الحياة بل تفوقها في بعض المجالات الاجتماعية ومجالات الصناعات الدقيقة.10- ازدياد الشهية للتنمية:وتوصف هذه الظاهرة بانها من ابرز صفات المجتمعات النامية ذلك ان البدء بالتنمية يفتح الشهية لها ويغري بالمزيد منها والسواد الاعظم من المواطنين ممن استبد بهم الحرمان في الماضي تنبهت حواسهم لميزات الحياة الجديدة ومن ثم تبدو ظاهرة الحاجات المتزايدة للجماهير وما يترتب على ذلك من محاولات الحكومة لمواجهة المشكلات الناجمة عنها.11- ثورة الأماني والتوقعات:الى جانب ذلك فقد ادى الاتصال السريع والسهل بين الدول الى ان يتعرف المواطنون الى ما وصلت اليه دول غيرهم من مستويات معيشية عالية ثم جاءت حكومتهم تحاول رفع مستوى معيشة المواطنين.والحقيقة انه كلما ارتفع مستوى الافراد زادت مطالبهم وكلما ادركوا ما يمكن ان يصلوا اليه وما وصلت اليه الدول الاخرى كلما زادت ضغوطهم على الجهاز الاداري.. والجماهير تريد ان تصل في يوم وليلة الى ما وصلت اليه الدول في سنوات غير مدركة ان هذه الدول كان عليها ان تتطور تدريجيا وان تضحي وان تعاني حتى تصل الى ما وصلت اليه.12- الاهداف المتحركة:وقد كان من نتيجة كل ذلك ان اصبحت الاهداف العامة في مجتمعنا في حركة مستمرة للامام بمعنى انها اهداف طموحة غير جامدة والجهاز الحكومي بدوره يحاول اللحاق بهذه الاهداف ومحك الاختبار هو قدرته على سرعة الحركة في اتجاهها وتحقيقها كاملة.وتحرك الاهداف التي يسعى اليها الجهاز الاداري في الدول النامية يتم بمعدل اسرع من قدرة الجهاز الاداري على اللحاق بهذه الاهداف فيظل مهما حقق من نجاح وهو قد حقق فعلا الكثير يظل بعيدا عما ينتظر من تحقيقه ويبدو بذلك كأنه جامد لا يتحرك والجماهير قلما تكون موضوعية في حكمها على ما حققته حكوماتها وهي قلما تتعمق في البحث والتفكير وقلما تؤكد المكاسب والانجازات التي حققتها الاجهزة الحكومية بقدر ما تؤكد ما لم تحققه بعد وهي اقل ان تردد خبراتها.13- سلبية المواطن او عدم تفهمه لدوره:على رغم ان الجماهير تطالب حكوماتها بمزيد من التنمية وتقصدها لتحقيق ما حققته غيرها من الدول الا انها لا تدرك بعد خطورة دورها في تحقيق هذه التنمية ووجوب مساندتها الاجهزة الادارية وانه لا يمكن ان تحقق الادارة الا نجاحا بسيطا اذا لم تتعاون معها جماهيرها على تحقيق اهدافها، وفي الدول التي عانت شعوبها من الاستعمار تكونت مشاعر سليبة او عدائية في نفوس الجماهير تحد من رغبتها في التعاون مع الاجهزة الحكومية وهي تعرقل بذلك اعمال الحكومة حتى وان كانت هذه المشاعر كامنة او تؤخر- بسلبيتها- تحقيق التنمية، وهذه الجماهير بذاتها هي التي تطالب وتضاعف مطالبها فتصبح الصورة المتناقضة في الدول النامية على انه جهاز محدود الامكانيات تضغط عليه جماهير بعيدة الاماني والتطلعات قاصرة في الوقت نفسه او غير قادرة على القيام بدورها في مساندة وانجاح ما تطالب به.14- اولوية الإصلاح الإداري:ذكرنا ان التنمية لا تحقق نفسها بنفسها كما يلزمها للوصول لاهدافها جهاز بيروقراطي على مستوى عال من الكفاية وحرمان الدول النامية من مثل هذه الاجهزة كان كفيلا بان يعطي للتنمية الادارية اولوية كبرى ومع ذلك فان الاصلاح الاداري في عدد من الدول النامية كثيرا ما يكون في مقدمة الاولويات، وفي الدول النامية التي تواجه الحرب او خطر الحرب والتي تتعرض لانقسامات داخلية وحروب اهلية او مجاعات او انهيارات مصرفية يصبح الحديث عن التطور الاداري او نظم الاختيار او الحوافز او تصنيف الوظائف او دراسة الوقت والحركة او ميزانية الاداء.. ضربا من ضروب الاسراف في الكماليات على الرغم من ان الاصلاح الاداري يعد احدى الوسائل الفعالة في مواجهة تلك المشاكل الاساسية التي تعاني منها هذه الدول.15- النمو الحضري السريع:وتتصف الدول النامية بتحركات سكانية واسعة النطاق يتجه اغلبها من الريف الى الحضر ويرجع النمو الحضري السريع الى عاملين الاول هو عوامل طاردة في الريف وهي التي تدفع سكان الريف بعيدا عنه وعوامل جاذبة في المدن وهي التي تجذب اهل المدينة اليها واهم هذه فرص العمل المستمر بأجر ثابت وتوافر الخدمات المختلفة من تعليم الى علاج وغيره وارتفاع بمستوى هذه المجتمعات الى جانب توافر فرص الترفيه والتعارف والتواجد وسط الاحداث ومجريات الامور، وقد ادت الهجرة المتزايدة الى المدن الكبرى الى النمو الحضري السريع وما يصاحبه من مشكلات متصلة بالاسكان والتعليم والمواصلات والعمل والمياه والمجاري وغيرها وتحاول اجهزة الخدمات بالمدن الكبرى ملاحقة هذا النمو ونتائجه ويبدو انها لن تنجح تماما في هذا الاتجاه قبل ان تتوقف الهجرة الى تلك المدن او تخف حدتها.16- مطالب التصنيع:واذا كان التصنيع يعد اتجاها هاما في التنمية الاقتصادية الا ان للصناعة في بداية انشائها اعباءها ومشكلاتها، وقد ادى التصنيع في البلاد التي صنعت من قبل الى هزات في البناء الاسري وفي انواع العلاقات وانماط السلوك وهذا يعني انه يتعين على الحكومة ان تسعى جاهدة لحل الكثير من المشكلات وتخطيط المزيد من الخدمات الاجتماعية والثقافية والصحية وخدمات الامن والاسكان والمواصلات وما اليها في المناطق التي دخلتها الصناعة قبل ان تؤتي الصناعة ثمارها الطيبة المرتقبة.17- الانفجار السكاني:ويسهم الانفجار السكاني في زيادة الاعباء التي تواجه الاجهزة الحكومية والمشكلة السكانية كأحد العوامل الهامة المتداخلة في الموقف لا يرجى علاجها تماما في المدى القصير وهكذا تبقى قائمة الى حين ولما كانت نسبة الزيادة السكانية الحالية في الدول النامية تبلغ 2.5% سنويا فهذا يعني ان الزيادة المطردة في عدد السكان تلتهم جانبا كبيرا من عائد التنمية مما يجعل العمل الحكومي في الدول النامية يبدو كله يدور في حلقة مفرغة.18- تحديات اخرى:وهناك تحديات اخرى تمليها المشكلات والامراض الادارية والتنظيمية مما يطلق عليه اصطلاح البيروباثولوجي Bureau pathology وهذه متعلقة بالجهاز الحكومي نفسه، ومعظمها موروث عن الماضي مثل المشكلات المتعلقة بالقوانين واللوائح غير المتطورة والتنظيم الذي لا يلائم مطالب التنمية واساليب وطرق العمل المختلفة والروتين المعقد والمركزية الشديدة والعلاقة السيئة بين الجهاز الحكومي والجمهور مثل هذه المشكلات والامراض تبدو بصورة واضحة خلال مرحلة الانطلاق لانها تحتاج الى جهاز عالي الكفاية كامل الاستعداد سليم التنظيم مرن الحركة قادر على تحقيق الاهداف الطموحة.كل هذه التحديات وغيرها تواجهها البيروقراطية في الدول النامية وتحد من قدرتها على تحقيق اهداف التنمية الموكول اليها تحقيقها وهذه المشاكل والتحديات مفروضة على الاجهزة البيروقراطية وليست نابعة منها انما تنعكس عليها...ومع ذلك فان الاجهزة البيروقراطية تتحمل وزر ما تثيره هذه التحديات من مشاكل فيزداد سخط الافراد على البيروقراطية غير مدركين انها على الرغم مما قد يبدو منها من عيوب وعلى الرغم مما فيها من عيوب على سبيل المثل، فهي وسيلتهم الحتمية والاسلوب الذي لا غنى عنه لتحقيق الاهداف التي تسعى اليها دول العصر الحديث بما حققت من تقدم وحضارة وما اثارت من مشاكل وتحديات.

مكونات التنظيم

أولا : الأهداف وتعرف الأهداف بأنها ( نتيجة محددة يجب الوصول إليها في زمن محدد) والأهداف في التنظيم تتميز أنها :1- المرشد لفعاليات التنظيم : بمعنى أن أي نشاط أو فعالية يجب أن يخدم الهدف و إلا حصل الهدر والضياع في الجهود والإمكانيات .2- تحدد فعاليات التنظيم : بمعنى أن اختلاف الأهداف يؤدي لاختلاف الفعاليات .3- وهي مصدر الشرعية 4- وهي مقياس الأداء5- وأيضا مصدر التحفيز6- وهي دليل اتخاذ القرارات 7- ودافع ارتباط الأفراد بالمنظمة ( الانتماء ) .* بينما يعد الفكر ( أو الأيديولوجية) في التنظيم السياسي ذو شأن عظيم لأنه يقوم أيضا مقام المرشد والهادي ومنبع الأهداف أصلا .ثانيا : الأعضاء ( الأفراد )إن الأفراد ( الأشخاص) هم العنصر الهام في التنظيم لأنهم يمثلون الروح الحركية والإبداعية والابتكارية والأدائية في التنظيم ، وهم حملة الدعوة والمبشرين بالفكر والمؤثرين في اتجاهات الجماهير وباختصار فهم عنصر الحركة والفعل لذا فان دورهم وأهميتهم تتأتى من التالي:1- إن التنظيم يعمل من خلال مساهمات الأعضاء ، ونشاطات الأفراد ( التفكير والخبرة والجهد والوقت والكفاءة والإتقان في تنفيذ المهمات والمسؤوليات )2- يصمم الهيكل ، وتحدد طبيعة الاتصالات ، ويقسم العمل ، وترسم المهمات لتؤدي من قبل الأعضاء 3- تحقيق الغايات للتنظيم وإدارة المؤسسة ( تخطيط وتنظيم ، وتوجيه=قيادة ، ورقابة ) تتم بالأعضاء . 4- ممارسة السلطة والمسؤولية مهمة يقوم بها الأفراد5- الأفراد يضمنون استمرا المنظمة بأعمالها ، فلا بد لاستمرار المنظمة من استمرارية تواجد الأفراد فيها .أما التنظيم فيقدم للأفراد إشباعا لحاجاتهم ( عمل / علاقات اجتماعية / انتماء / قيادة / الاعتماد على الآخرين / الاحترام / المكانة / تحقيق الذات / إرضاء الضمير.... ) .ثالثا : الهيكل التنظيمي :وهو ( الشكل المحدد للاتصالات بين أجزاء التنظيم ) ، ويماثل الهيكل التنظيمي للتنظيم الهيكل العظمي للإنسان ، فهو الذي يشكل بناء التنظيم ورابط مكوناته الذي من خلاله تنفذ الأعمال والمهمات ، وتحدد المسؤوليات والصلاحيات وعليه فيمكن أن نقول أن الهيكل التنظيمي ( الهرم التنظيمي=السلم التنظيمي) يحقق الأهداف التالية: 1- توزيع الأعمال ، وتحديد المهام الأفراد والجماعات في المنظمة ( الخلايا ، الحلقات ....)2- يحدد المستويات ( المراتب ) التنظيمية ، ونطاق الإشراف ( المسؤولية ) وبالتالي مستويات السلطة .3- يحدد عمليات تنسيق المهمات مع بعضها وتحقيق الترابط بينها لجعل التنظيم يعمل كوحدة واحدة .4- يحدد قنوات الاتصال وانسياب المعلومات وحركتها 5- يعمل الهيكل على تقليص التأثيرات الفردية في التنظيم من خلال الضوابط والقوانين التي تحد من الاجتهادات الشخصية 6- يحدد الهيكل طرق ممارسة الرقابة ومستوياتها وأجهزتها. ( يتشكل الهرم التنظيمي في حركة (فتح) من القاعدة فالقمة كالتالي : الخلية –الحلقة-الجناح-الشعبة-المنطقة-الإقليم- مكتب التعبئة والتنظيم- المجلس الثوري-اللجنة المركزية مع محطة المؤتمرات في المنطقة والإقليم والمؤتمر العام ) . حيث تمثل أسبانيا إقليما كما تمثل نابلس إقليما على سبيل المثال .رابعا: الاتصالات :إن الاتصالات من حيث هي تبادل للحقائق والأفكار والآراء والعواطف ، أو من حيث هي اشتراك بالمعنى والمفهوم (سي جي براون) هي اعتراف بإنسانية الكادر ، وضرورة أن يعبر عن ذاته وروحه بطريقته ، إن الاتصالات في التنظيم إقرار بحق الفرد في التفكير وإبداء المشاعر والتساؤلات والمعاني وتقبل التوجهات والقرارات أو التوصيات بالاتجاه الآخر .خامسا: العمل ( المهمات) إن عمل التنظيم ( أي تنظيم) أو مهماته تمثل الأنشطة المطلوب تنفيذها والتي يبني عليها التنظيم ما يحقق الأهداف والخدمات الضرورية وإشباع حاجات الأفراد والمجتمع ، وقد تأخذ النشاطات أي من الأشكال التالية : - النشاطات الإدارية والمالية - النشاطات الإعلامية والتثقيفية والفنية - نشاطات الرأي والإبداع - النشاطات الفكرية والتعبوية - النشاطات الرقابية - النشاطات الاجتماعية ( مهرجانات ، معارض ، ندوات ، زيارات ...)- النشاطات البيئية - النشاطات النضالية ( مواجهات ، اضرابات ، تظاهرات ....)- النشاطات العسكرية - .........الخ.سادسا : القوانينتحكم التنظيمات ( المنظمات ) ومنها السياسة قوانين أو مجموعة قواعد تسمى دستورا أو نظاما أساسيا أو لائحة داخلية وهي عبارة عن ( مجموعة المبادئ والقواعد والأسس التي تمثل التنظيم و تحكم العلاقات الداخلية في التنظيم ) .

مؤسسات المجتمع المدني .. حضور الدور وغياب المؤسسة!

لا شك أن السعودية تنعم باقتصاد قوي واستقرار سياسي يميزها عن كثير من الدول النامية وحتى بعض الدول المتقدمة. وهي كدولة قطعت مشوارا طويلا منذ تأسيسها ومرت بعدة مراحل أنجزت من خلالها مشاريع تنموية ضخمة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إن ما يميز التجربة السعودية هو التغيير المتزن الذي يستوعب المستجدات وفي الوقت ذاته الحفاظ على الهوية والقيم الأصيلة، بل والاعتزاز بها.
هذا التوازن في تحقيق التنمية الاجتماعية هو ما افتقده كثير من دول العالم الإسلامي في مسيرته نحو الرقي الاجتماعي والتقدم الصناعي. إن عملية التنمية اقتضت بناء مؤسسات قادرة على إحداث التغيير الاجتماعي والاقتصادي المطلوب ووضع نظم ومنهجيات لرفع أداء الاقتصاد الوطني وتحويله من اقتصاد تقليدي بسيط إلى اقتصاد أكثر نضجا ومقدرة.
في القطاع الحكومي استحدثت الوزارات والإدارات الحكومية لتقديم الخدمات العامة وتنظيم التعاملات الاقتصادية وإصدار وتطبيق التنظيمات. والحقيقة أن المؤسسات الحكومية أبلت بلاء حسنا في تحويل المجتمع وتطويره وإحداث قفزات نوعية في مجالات الصحة والتعليم والأمن والاتصالات والنقل. وكانت هذه التطورات أكثر وضوحا في بدايات تأسيس الدولة, حيث تم نقل المجتمع من الانتماء القبلي إلى الانتماء الوطني ومن الترحال إلى الاستيطان ما شكل حجر الزاوية في استتباب الأمن والرفاهية الاقتصادية والتحضر الاجتماعي.
تلا ذلك الارتقاء بعملية صنع القرار العام والعملية السياسية، فشهدت السعودية عدة تطورات تدريجية على الصعيد السياسي والإداري، كانت بدايتها مجموعة من التنظيمات إلى أن تم تأسيس مجلس الوزراء كتنظيم رسمي مركزي، مرورا بنظام المناطق ونظام الحكم ونظام مجلس الشورى وأخيرا تفعيل المجالس البلدية. القصد من هذا السرد هو الإشارة إلى أن تطور التنظيمات كان ليواكب المتغيرات وبما يفي بمتطلبات كل مرحلة ويلبي احتياجاتها. وفي هذه المرحلة تظهر الحاجة إلى تنظيمات جديدة تتعلق بإنشاء مؤسسات المجتمع المدني.
أما التطورات الاقتصادية فقد كانت بطيئة نوعا ما في البدايات، فقد كان القطاع الخاص متواضعا بسيطا لا يملك كثيرا من مقومات الصناعة الحديثة والإنتاج الوفير ولا التنظيمات الإدارية والتقنيات الإنتاجية. وظل هذا الوضع ردحا من الزمان حتى أفاء الله على هذه الأمة من الخير الوفير وذهبت الحكومة تنفق إنفاقا سخيا في جميع المجالات هدفها رفع المستوى المعيشي للمواطن. لقد كانت طفرة اقتصادية عظيمة حدثت في منتصف السبعينيات من القرن الماضي خلال الخطة الخمسية الثانية التي من خلالها تضاعف حجم الاقتصاد الوطني وأصبح القطاع الخاص يلعب فيه دورا كبيرا ومميزا لم يكن معهودا من قبل. وفي ظل انتهاج الدولة نظام الاقتصاد الحر, الذي من أهم ميزاته حرية التملك والبيع والشراء, نما القطاع الخاص وأصبح يقدم السلع والخدمات المتنوعة بجودة وأسعار تنافسية. بل إن القطاع الخاص اقتحم مجالات لم يطرقها من قبل مثل خدمات التعليم والصحة والإعلام. هذه الجرأة الاستثمارية كانت بتشجيع ودعم حكومي سخي. إذ تبنت الحكومة استراتيجية تنموية طموحة وكان لا بد أن تكون من خلال القطاع الخاص انسجاما وتوافقا مع النهج الاقتصادي للدولة, وهو اقتصاد السوق.
وظل القطاعان العام والخاص يقومان بتوفير السلع والخدمات وانحصرت عملية صنع القرار الاقتصادي والاجتماعي بينهما. وهو أمر مقبول في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية وسكانية بسيطة غير معقدة. إلا أن المتغيرات والتطورات السريعة أظهرت جليا الحاجة إلى بعض الخدمات التي يعجز القطاعان عن توفيرها. فإذا كان القطاع العام (الحكومي) يلبي الاحتياجات العامة ويوفر الخدمات والسلع العامة التي يعجز القطاع الخاص عن تقديمها لطبيعتها في عدم القدرة على استثناء أحد من الانتفاع بالخدمة وخاصية عدم التجزئة ما لا يمكن من وضع أسعار على السلع العامة, في المقابل فإن آلية السوق التنافسية ونظام الأسعار يؤديان إلى توفير السلع بأقل سعر وأعلى جودة وتلبية رغبات الأفراد بتنوع السلع والخدمات ما تنتج عنه كفاءة اقتصادية عالية واستخدام أمثل للموارد. ويمكن الخلوص في القول إلى أن القطاع العام يحقق المصلحة العامة للمجتمع والقطاع الخاص يلبي المصلحة الخاصة للأفراد. لكن هل هناك احتياجات أخرى في المجتمع يجب تلبيتها؟ نعم، هناك قطاع ثالث يقدم خدمات يعجز القطاعان العام والخاص عن توفيرها. هذا القطاع يتميز بأنه يقدم خدمات تلبي الاحتياجات الخاصة الجماعية, أي أنه يتعلق بمجموعة المصالح الخاصة. بمعنى أن خدمات هذا القطاع تشترك بخصوصية القطاع الخاص وعمومية القطاع العام. هذا القطاع الثالث يطلق عليه مؤسسات المجتمع المدني. ومن أهم الأمثلة عليه جمعيات النفع العام والجمعيات المهنية والنقابات العمالية. وعند الحديث عن مؤسسات المجتمع المدني فإننا نتحدث عن مؤسسات ذات استقلال مالي وإداري وسلطات تشريعية تضع المعايير وشروط العضوية ورسومها وتسعى إلى تحقيق المصلحة المشتركة للمنتمين إليها وتدافع عن قضاياهم ومصالحهم. ما يهمنا في هذا الصدد هو الجمعيات المهنية التي أصبحت ضرورة ملحة في ظل اتساع الهوة بين القطاعين الخاص والعام وظهور بعض السلبيات في الأداء الاقتصادي لا نستطيع معالجتها إلا بإيجاد جمعيات مهنية في القطاعات الاقتصادية المختلفة ترعى مصالح المنتمين إلى القطاع وتقوم على تطويره ووضع المعايير والأخلاقيات المهنية والارتقاء بالمهنة والتسويق لها وتوحيد الجهود بين منتسبيها والتنسيق فيما يضمن عدم تضارب المصالح والإضرار بالمهنة. قد يقول قائل إن هناك جمعيات مهنية مثل جمعية المهندسين أو جمعية الإدارة أو الاقتصاد أو المحاسبة..وغيرها. إلا أن هذه الجمعيات لا تعدو كونها جمعيات أكاديمية تعنى بالبحوث والدراسات وعقد الاجتماعات والندوات والتقاء ذوي الاختصاص وليس لتقنين المهنة ورعاية مصالح المنتمين إليها من الجانب القانوني، وهي بلا شك لها دور تثقيفي أكاديمي إعلامي ولكن ليس تشريعيا قانونيا يمكنها من اتخاذ قرارات تتعلق بتقنين المهنة وفرض قراراتها على المتعاملين داخل القطاع. أمر آخر يتعلق بالجمعيات المهنية الحالية وهو أنها تعتمد على تخصصات علمية وليس الممارسة المهنية. أي أن هناك مهنا ليس بالضرورة تدرس كتخصصات علمية في الجامعات وبالتالي تحرم من تأسيس مثل هذه الجمعيات. على سبيل المثال قطاعات: المقاولات، العقار، تجارة التجزئة، وتجارة الجملة.. وغيرها كثير لا يسعها تكوين جمعيات تنظم مهنتهم وترعى مصالحهم. وأود أن أشير في هذا السياق إلى أن الجمعيات المهنية حتى ولو أنها في ظاهر الأمر ترعى مصالح منتسبيها إلا أنها أيضا تهدف إلى الارتقاء بمستوى تقديم الخدمات المهنية نوعا وكما وجودة وتوزيعا بما يعود بالنفع على المستهلكين. إن غياب الجمعيات المهنية يعني عدم قدرة القطاعات الاقتصادية المختلفة على تنظيم المهنة ما يتسبب في تضارب المصالح وتراجع مستوى المهنة وسوء في توزيع الخدمات وتكرارها. إن النظرة الجماعية للمصلحة الخاصة هو ما نفتقده في تفعيل المهن المختلفة وتعميق المسؤولية الذاتية والمبادرة نحو تقديم الأفضل. من هنا أقترح أن تتحول اللجان المهنية في الغرف التجارية الصناعية إلى جمعيات مهنية فاعلة تتمتع باستقلالية تامة لتقود قطاعاتها إلى مستويات مهنية أعلى وأداء متميز وممارسة للمهن من خلال معيار (كود) أخلاقي مهني. إن الدور الحالي للجان في الغرف التجارية الصناعية لا يتعدى محاولة معالجة قضايا آنية مع القطاع الحكومي وفي معظم الأحيان تكون الاهتمامات في أضيق الحدود ولمصالح فردية أكثر منها مصلحة المهنة. ومن أجل تحقيق التأثير المطلوب من الجمعيات يجب التأكيد على أحقية هذه الجمعيات في اتخاذ القرارات التي تنظم المهنة ودون هذه السلطات ستكون عديمة الفائدة. أما الجمعيات المهنية الحالية (الأكاديمية) التي تم تحويلها إلى شعب داخل تنظيم بيروقراطي كبير فليس لها نصيب من الجمعيات المهنية إلا الاسم، فإذا ما أردنا النجاح في تفعيل الجمعيات المهنية وجعلها ذات تأثير يلزم أن تتمتع باستقلال تام وتتخذ قرارات تنظيمية حاسمة وأن تربط بممارسة المهنة وليس بالتخصصات الأكاديمية. فكفانا تنظيرا واجتماعات رسمية واحتفالية وتنظيمات ظاهريه وشكلية لا تسمن ولا تغني من جوع. يجب النظر إلى الجمعيات المهنية على أنها تنظيمات تختلف عن التنظيمات البيروقراطية العامة، وإذا لم ندرك هذا الاختلاف سنظل نراوح مكاننا في معالجة قضايانا بالتنظيمات الخطأ ولن نفلح إذاً أبدا. وإذا ما تقرر إنشاء الجمعيات المهنية فيلزم إصدار قانون عام ينظم ويحدد سلطاتها وعلاقتها القانونية بما يضمن استقلالية القرار استقلالا تاما يمنحها الفرصة للتنظيم والتقنين, وبالتالي تلبية احتياجات يعجز القطاعان العام والخاص عن تلبيتها.

اليمــــن .. وعصـــــــــــــر التغـــــيير

د.أحمد يحيى الرفيق
إذا كان التغيير يضعه الافراد، فإن التغيير تصنعه الافكار، وفي هدوء وبرؤية جديدة وصافية، نحاول إجراء تشخيص لوضع اليمن، وسط المتغيرات العالمية، إذ أننا نعيش حالياً مرحلة السيولة في المواقف العامة، لاسيما بعد أن برزت الولايات المتحدة الامريكية القطب الاكبر، ففي ظل النظام الجديد، ينبغي ان تتغير المفاهيم، وهذا ما ادركته اليمن، وذلك لتظهر رؤى جديدة تعي المتغيرات بسرعة، ولانه ليس لديها خيار سوى اللحاق بركب التقدم، وتضييق الفجوة بينها وبين البلدان التي خطت وتخطو وبسرعة نحو التقدم، فالملامح والسمات التي يتميزبها العصر الحالي، تقع في الإهتمام بالإقتصاد، لأن الإقتصاد القوي يؤدي الى قوة في المواقف السياسية، كما أن التكتلات الاقتصادية يمكن ان تتحول إلى مركزقوة سياسية، والمتتبع لسياسة اليمن في التغيير يدرك أن التغيير المفاجىء والحاد ليس كله خيراً ، وأن واجب الحكومة هو حماية الغالبية العظمى من اعباء هذا التغيير الحاد ، هذا وقد ادركت الدولة ان التيار العالمي نحو التغيير والتحرر والإصلاح لايمكن مقاومته، فالتجارب التي تبنتها الحكومات المتعاقبة منذ ان تولى فخامة الاخ/ الرئيس -حفظه الله- ادركت انه كلما زادت القيود على النشاط الاقتصادي، كان ذلك في غيرصالحه، وفي غير صالح النمو والتطور، كما أنها ادركت ان وظيفة الحكومة الأساسية في عصر التغيير هي التدخل لتحقيق التوازن الدقيق في العلاقات، سواء الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو السياسية، أو الثقافية، أو الاعلامية اوالامنية.. الخ.
وعندما نحاول أن نلقي الضوء على بعض أحداث التغيير، وعلى الابعاد العالمية حوله فإنه يمكن تلخيصها: في التقهقر للايديولوجيات، والتقدم للتكنولوجيات،.
فالأولى: لم تعد المحك القوي للشعوب أوللتغيرات الإجتماعية والإقتصادية.
والثانية: التقهقر للشموليات، والتقدم للديمقراطيات، اما الثالثة: فهي إنحسار القومية لبعض التنظيمات غير القومية، والرابعة: تقهقر الدولة، وتقدم المجتمع المدني، والخامسة: تقهقر المواجهات المسلحة، وتقدم الحلول السلمية، وهذه التقهقرات الخمس، والتقدمات الخمس كلها مرتبطة معاً.. وفي خضم تلك الاحداث والابعاد ادركت القيادات السياسية العليا وعلى رأسها فخامة الاخ الرئيس -حفظه الله- انه لامجال للعقلية « البيروقراطية» ولارجاءفي الرطانة « الايديولوجية» ولاأمل مع الشعوذة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية .. الخ.
والوقت ليس وقت هزل نحارب فيه « طواحين الهواء» سواءبإستدعاء ماضٍِِ لن يعود، او بإصرار على نقل افكار « بليت» اوبعادات تنتمي الى عصور الظلام، والانحطاط.. فالمتغيرات من حولنا، والمعطيات في بلادنا تؤكد ان الوقت وقت جدلأ بقاء فيه بغير إرادة التقدم لبناء دولة المؤسسات ، وليس ثمة اكثر من التغيير في المستقبل دليل على ان اليمن تملك هذه الإرادة، وتتجلى تلك الارادة في طموحات كل من « حكومة المستقبل» ومجلسي النواب والشورى، ومحاولة القفز على سور التخلف ومواجهة العصر بآليات العصر.. واهم آلية هي آلية تنمية الطاقات البشرية-أي التنمية الانسانية، لكيما يحل مشكلاته بنفسه فأساس التقدم في عصر لعقول والمعلومات لايعتمد على « ثروات» فالاساس هو تنمية « القدرات الانسانية» ولايمكن ان تحدث القفزة في هذا المجال بدون شروط معينة اهمها « الحرية » فالعقول لن تبدع الاّ في بيئة تعترف بمبدأ المغايرة والاختلاف ، فالابداع هو الاستجابة المختلفة للرأي والرأي الآخر.
واذا انتقلنا الى مناقشة ادارة التغيير الاكثر تعقيداً سنجدها الاكبر رقعة والابعد طولاً، لانها تتناول كل شؤون الحياة، اي انها وليدة قوى السوق، وكل شيء يحكمه تفاعل السوق العالمية شئنا ام لم نشأ، والذي سيزيد صعوبة في ذلك انها ليست إجراءات محلية او محدودة يمكن اتخاذها ولكنها عالمية تحتاج للتطويع، وللصقل، وللفرز، بما يتوافق مع البيئة اليمنية.. ومنظمة التغيير منظومة متكاملة لها « حدحرج» تنتهي عندها، ولن تكون القضية هي اختيار الافراد للإدارة، ولكن إختيار النظام للإدارة، ففي « السعيدة» المشكلة تفرض ضرورة ادارة الازمة المعاصرة الاقتصادية والسياسية، والاجتماعية والثقافية، .. الخ.
في مناخ محلي، واقليمي، ودولي والبحث عن قواعد جديدة تٌخلق من العدم ، من خلال ضغوط الازمة، والتغيير هنا لايمكن ان يكون جزئياً ، بل يكون شاملاً وكذلك رفع الحد الحرج للادارة لابد من التعامل مع معلومات واقتصاديات وتشريعات وقوانين.. الخ. تنظم في اطار ليس فقط مقبولاً بل في اطار مفهوم، حتى يمكن التعامل معه ، ولايمكن ملاحظة التغيير إلاُ في التوسع في تطبيق « الديمقراطية» من ناحية والمصارحة والمكاشفة مع الامة اليمنية من ناحية اخرى ولتزداد الصورة وضوحاً فيما تضمنه عنوان اليمن.. وعصر التغيير، فإن التغييرات الاقتصادية منذ خمسة وعشرين عاماً مثلاً :
تتلخص في تغييرات آليات السوق في ادارة الاقتصاد على مستوى الكلي، وتنفيذ برنامج الخصخصة كما حقق تطبيق برامج الاستقرار الاقتصادي، والتكيف الهيكلي نجاحات في مجال تقليص الاختلالات بموازين المدفوعات لتحدد وفق العرض والطلب، واعتبارات الندرة النسبية وتعدد الحاجات، وغيرها من الاعتبارات الاقتصادية، وقد ساهم تحرير سعر الصرف في زيادة التحويلات الخاصة من الخارج ، كما ادى سلاح سعر الفائدة الى تقليص الاستخدام غير الرشيد للإئتمان المصرفي ، غير انه الى جانب اوجه القصور والظواهر السلبية التي ارتبطت بالنجاحات والتغييرات السابقة، فإنها تركزت في جانب الطلب، ولم يؤد الاصلاح الاقتصادي بعد- كما توقعت المؤسسات المالية الدولية حتى في الاجل القصير- الى تطورات إيجابية في جانب الغرض سواءً في ترشيد إدارة الاصلاح الاقتصادي، او في استشراق سبل بناء اليمن الجديد، لهذا فإن المزيد من الجهد العلمي لاغنى عنه لبحث آليات التقدم الاقتصادي والاجتماعي ، وبوجه خاص ضرورة الاجتهاد الفكري في بحث المزج الامثل مستقبلاً بين آليات التقدم: « كإقتصاد السوق، والتخطيط الاقتصادي» «والكفاءة الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية» «والمبادرة الفردية، ودور الدولة» .. الخ.
وفي هذا التغيير ينبغي الانطلاق من انه لاتوجد وصفة جاهزة موحدة وثابتة لهذا المزج، وانما هومتغير، حسب الاقتراب، او الابتعاد من معايير تقويم الأداء، وتحقيق التقدم، ومن هنا يتوجب التوجه الى : اقتصاد السوق، وتغيير نوع الدور الاقتصادي للدولة، بمايزيد من فعاليته،ويؤدي الى التوازن المطلوب في اقتصاديات العرض.
واخيراً وليس آخراً فإن الامر يستلزم - اليوم اكثر من اي يوم مضى -أن نسرع برصد وتحليل التغييرات الحديثة، وكذلك تراكمات الماضي لمواجهتها بإستراتيجية جديدة وجادة، خلال سنوات الربع الاول من القرن الحادي والعشرين، وكذلك إنشاء مجالس متخصصة للبحوث والدراسات الاستراتيجية، وبالتالي تستطيع بلادنا ان تصبح قوة سياسية اقتصادية لا يستهان بها وتستطيع أن تواجه أقطاب العالم الجديد، لا سيما أنه يتوافرلديها المقومات والإمكانات لمواجهة التغيير الذي يواجه عالم اليوم، وحتى عام 5202م.

البيروقراطية وعملية صنع السياسة العامة فى اليابان

يشير هذا الإصدار إلى أن ظهور الخدمة المدنية فى اليابان يرجع إلى نهاية القرن الماضى وبداية هذا القرن بظهور ‏نظام برلماني ديمقراطي يشابه النظام السائد فى الدول الغربية، بالإضافة إلى الاعتماد على كوادر إدارية كانت من خريجى ‏جامعة طوكيو الملكية والذين تم تعيينهم فى قطاع الخدمات دون اشتراط اجتياز اختبارات محددة.‏ ‏ ولقد توالت عدة نظم مع حلول عام 1899 تؤكد على المزايا الخاصة التى يتمتع لها الموظفون المعنيون من قبل ‏الإمبراطور وغيرهم من الموظفين الآخرين، وكانت كلمة ( كارى) تستخدم للتميز بين النوعين. وظل هذا التقليد ساريا حتى ‏نهاية الحرب العالمية الثانية، قد انقسم الموظفون إلى أربع فئات مميزة :- ‏ ‏ 1. موظفو " مجلس الوزراء" والذى يوقع على خطاب تعيينهم الإمبراطور ورئيس الوزراء فى احتفال يتم إجراؤه ‏بالقصر الإمبراطورى.‏ ‏ 2. كبار الموظفين وهم نواب الوزراء ومديرى الإدارات العليا،ويتم تعيينهم بواسطة الإمبراطور دون احتفال.‏ ‏ 3. فئة الموظفين ويقوم بتعيينهم رئيس الوزراء نيابة عن مجلس الوزراء.‏ ‏ 4. فئة الموظفين العموميين العاديين وتقع مسئولية تعيينهم على الوزراء أنفسهم فى مجالات اختصاصاتهم الرئيسية.‏ ‏ وعلى ذلك يرى الباحث أن النظام السابق قد جاء امتداد لثقافة الإقطاع، كما أنه حمل بعض خصائص الخدمة المدنية ‏الحديثة فى أوروبا، وبصفة خاصة فى التقاليد البريطانية والألمانية ولقد استمر نظام الخدمة المدنية مطبقاً حتى عام 1920 ‏وبانهيار الأحزاب والبرلمان تحت الضغط العسكرى أثناء الفترة من 1920 إلى 1930 ظهر باليابان بيروقراطية من نوع ‏جديد حملت التقاليد العسكرية الفاشية.‏ ‏ نظام الخدمة المدنية والإدارة المحلية قبل الحرب العالمية الثانية‏ ‏ يتميز نظام الخدمة المدنية والإدارة المحلية فى اليابان بكونه نظاماً نخبوياً سيطر عليه خريجو جامعة طوكيو بنحو ‏‏47% ولقد جاء خريجى كلية الحقوق فى مقدمة العاملين بجهاز الخدمة المدنية. وبعد الحرب العالمية الثانية جاء الدستور ‏‏1947 ليحدث تغير كبيراً فى البيروقراطية اليابانية، إلا أنه بالرغم تأكيد مسئولية مجلس الوزراء ( السلطة التنفيذية) أمام ‏البرلمان سيطرت البيروقراطية اليابانية على عملية صنع القرار.‏ ‏ ولقد أمكن لعمليات التحديث التى بدأت على يد الميجى فى القرن التاسع عشر من أن تؤسس نظاماً دستورياً موحداً مكن ‏الإمبراطور من أن يفرض نفوذه على المستوى المحلى. وإعطائه مزيداً من السيطرة على البيروقراطية المركزية. وفى عام ‏‏1871 ومع ظهور قانون للإدارة المحلية تم تأسيس نظام محلى مستقل وقسمت اليابان إلى سبع وأربعين مقاطعة إلى ‏المناطق الفرعية وكانت المجالس المحلية بمثابة سلطات تنفيذية تقوم على تنفيذ أوامر الإمبراطور.‏ ‏ السياسات العامة والبيروقراطية الحكومية فى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ‏ لا شك يؤكد الباحث أنه مما فيه أن هزيمة اليابان فى الحرب العالمية الثانية غيرت فى مفهوم البيروقراطية اليابانية ‏لتعمل لصالح المواطنين فى ظل نظام ديمقراطى تم فرضه على اليابان من جانب قوات الولايات المتحدة الأمريكية.‏ ‏ ولم تكن إصلاحات الخدمة العامة فى اليابان فى هذه الفترة نتيجة رغبة أمريكية محضة، وإنما نتاج توسع اليابانيين ‏أنفسهم وضرورة تحقيق الكفاءة الإدارية ولقد نجحت حكومة ‏Kone‏ فى فترتها الثانية 1941-1941 فى إدخال بعض ‏الإصلاحات فى مجال الخدمة المدنية. كما ترتب على الإصلاحات التالية على الحرب تقليل عدد الموظفين الحكوميين بعد ‏منتصف الستينيات، واتجاه الحكومة اليابانية حديثاً نحو تبنى شكل الحكومة الصغيرة بهدف التقليل من النفقات الحكومية.‏

‏ وقد اعتمدت خطة التنمية اليابانية على إستراتيجية للتنمية القومية لا تقوم فقط على النوايا الحسنة والطموحات المعلنة ‏بل على تطويع السياسات الإدارية لخدمة أهداف التنمية الاقتصادية، فعلى المستوى الاقتصادى الكلى اعتمدت اليابان على ‏معدل ثابت وكانت السيطرة الحكومية على الاعتمادات المالية والبنكية وتحقيق درجة أعلى لحماية الزراعة والصناعة ‏واختزال النفقات الحكومية والعمل على تقليص الميزانية وفرض رقابة صارمة على خروج ودخول رؤوس الأموال من ‏الأدوات الرئيسية لتنفيذ برامج النمو الاقتصادي.‏ ‏ ويمكن رصد أهم سمات النظام الاقتصادي وخاصة أبان النمو الاقتصادي السريع فيما يلى:‏ ‏ 1. توجيه الهيكل الاقتصادى لخدمة مصالح المنتج والموزع أكثر من المستهلك.‏ ‏ 2. التشجيع على تبنى إستراتيجية للتوسع الرأسمالى يكون من أهدافها دعم رأس المال لكل من الاستهلاك الخاص ‏والعام.‏ ‏ 3. تعظيم التكامل والاندماج بين الشركات اليابانية للفوائد المتحققة من رأس المال وتوجيه الشركات نحو تلبية ‏احتياجات عملائها.‏ ‏ وفى عام 1980 خرج الإصلاح الإدارى عن نظرته التقليدية الأرثوذكسية للإصلاح وأصبح يتعامل مع مشكلات واقعة ‏للسياسات العامة الحكومية ، وفى عام 1981 أكدت اللجنة المختصة بالإصلاح الإدارى على أهمية الإصلاحات الهيكلية ‏بجانب تبسيط الإجراءات الحكومية والتى أصبحت مصدر انتقادات بعد ذلك نتيجة لظهور مشكلة الفوائض التجارية.‏ ‏ سمات نظام الخدمة المدنية اليابانى ‏ لقد حقق دستور 1947 عدة إصلاحات أساسية فى النظام الإدارى للخدمة المدنية ، منها:‏ ‏ 1. إلغاء وزارة الحربية والبحرية وتأسيس عدد من الوزارات الجديدة مثل شئون الإسكان - العمل إلى جانب عدداً ‏من التنظيمات الإدارية الأخرى.‏ ‏ 2. تغيير مفهوم الوظيفة العامة من موظفين لخدمة الإمبراطور إلى موظفين لخدمة المواطنين والعامة ‏ 3. إنشاء وكالة لشئون الأفراد تكون من مهامها الإشراف على شئون الأفراد داخل الجهاز الحكومى.‏ ‏ 4. عملية صنع السياسة والسلوك البيروقراطى.‏ ‏ 5. تمارس البيروقراطية اليابانية، بصفة عامة، النفوذ والقوة فى تطبيق القوانين ، كما أن الأسلوب المميز لعمل ‏البيروقراطية لا يتم من خلال الأوامر وإنما من خلال إسداء النصيحة. وقوم البيروقراطية اليابانية على أداء هذا الدور من ‏خلال:‏ ‏ 6. إصدار النصح والتوجيه للموظفين المدنيين بخصوص أعمال تتطلب مطابقة القوانين.‏ ‏ 7. إعطاء توجيهات عامة للسياسات والتنسيق الإدارى بين الوكالات المتعاونة فى مجال الإنتاج الصناعى ‏والزراعى على وجه الخصوص.‏ ‏ نظام الرينجى وعملية صنع السياسات ‏ ‏ ويقصد بهذا النظام، أسلوب تداول القرارات الإدارية داخل المنظمات الإدارية حيث أن النجاح الذى تحققه الإدارة فى ‏اليابان لا يعود فقط بين الحكومة ورجال الأعمال وإنما أيضاً للعلاقات الناجحة داخل الجهاز الإدارى نفسه.‏ وبالرغم مما يحققه هذا النظام من مزايا عديدة إلا أنه غالباً ما يواجه عدداً من المشاكل عند التطبيق، نذكر أهمها فيما يلى:‏ ‏ 1. عدم الفعالية، حيث غالباَ ما يستهلك الجهد والوقت فى عمليات التداول بخصوص القرار.‏ ‏ 2. صعوبة تحديد المسئول الحقيقى عن القرار ومن ثم صعوبة تحقيق المساءلة والمحاسبة.‏ ‏ 3. زيادة فرض القيود على القيادة مما يؤدى إلى شل حريتها فى إتخاذ القرارات.‏ ‏ 4. وتعمل الإدارة اليابانية من خلال عدد من المجالس الاستشارية التى لديها القوة بخصوص تقرير السياسات ‏العامة الحكومية، وبصفة عامة يوجد نوعان من هذه المجالس ، هى :‏ ‏ 5. مجالس ذات طبيعة استشارية وخاصة فى القضايا الهامة والمسائل السياسية.‏ ‏ 6. مجالس قانونية تتمتع بسلطة فى القضايا المطروحة.‏ ‏ الخلاصة ‏ منذ بداية النهضة الحديثة فى اليابان، لعبت البيروقراطية الدور الأهم فى تشكيل وتنفيذ السياسات العامة الحكومية، وكما ‏يقول بعض اليابانيين تعتبر دولة إدارية منذ ولاتها، حيث كان الجهاز الإدارى محكوماً سياسيا وموجه نحو خدمة ‏الإمبراطور، على حين تغير ولاؤه لصالح رجال الأعمال والجماهير بشكل عام بعد الحرب العالمية الثانية. إلا أن اليابان قد ‏عرفت نموذجاً لسيطرة رجال الأعمال والحزب الحاكم والنخبة البيروقراطية، ومنذ نهاية 1980 فإن اليابان قد دخلت إلى ‏مرحلة غير مؤكدة المعالم بخصوص مكانية تحقيق التوازن بي الضغوط الناتجة عن الفساد السياسى من ناحية وعدم ‏استقرار الحكومى من ناحية أخرى الأمر الذى يطرح من جديد مناقشة وضع البيروقراطية اليابانية فى السياقين الاجتماعي ‏والتاريخى لها.

العلاقة بين الحكومة المركزية والادارات المحلية

استقلال السلطات المحلية بمباشرة اختصاصاتها .. لاينبغي ان ينظر اليه على انه استقلال مطلق بحيث تستقل هذه السلطات المحلية عن السلطة المركزية تماما ، و إلا اصبحت اللامركزية المحلية خطرا على وحدة الدولة وسلامة كيانها ، فإذا كان مقتضى اللامركزية استقلال الهيئات المحلية بمباشرة اختصاصاتها المقررة ، فانه ينبغي التنبه الى ان هذه الهيئات المحلية تظل ترتبط بالسلطة المركزية التي تملك فرض رقابتها عليها في حدود معينة ، للمحافظة على وحدة كيان الدولة وحمايته من التفتت . ذلك ان اللامركزية الادارية المحلية او الاقليمية تتميز عن اللامركزية السياسية بأن الاخيرة تتضمن توزيع وظائف الدولة الثلاث من تشريعية وتنفيذية وقضائية بين السلطة المركزية وبين الولايات او الدويلات ، بينما يقتصر مضمون اللامركزية الادارية الاقليمية على توزيع بعض مظاهر الوظيفة الادارية واختصاصاتها بين السلطة المركزية وبين الهيئات المحلية ، أي ان اللامركزية المحلية مع اقتصارها على وظيفة واحدة من وظائف الدولة ، هي الوظيفة الادارية الا انها لا تعني توزيع سائر اختصاصات هذه الوظيفة الادارية بين الهيئات المحلية ، وانما يظل بالضرورة قدرا كبيرا من هذه الاختصاصات ، وهي تلك التي تتعلق بالمصالح القومية العامة بين يدي السلطة المركزية . فاذا كانت الهيئات المحلية تستقل بأدارة ما يدخل في اختصاصها من مصالح محلية ، فأن المصالح القومية العامة تبقى تحت سيطرة السلطة المركزية ، وهو ما يستتبع بالضرورة ايضا ان تكون ممارسة الهيئات المحلية لاختصاصاتها في ادارة المرافق المحلية خاضعة لرقابة السلطة المركزية . فرقابة السلطة المركزية ضرورة لاغنى عنها لحماية وحدة كيان الدولة وصيانته من التفتت ، لان اطلاق حرية السلطات المحلية في ممارسة اختصاصاتها دون خضوع لرقابة السلطة المركزية قد يؤدي الى تفكك اركان الدولة وزعزعة كيانها حيث قد تحاول الهيئات المحلية التحول من مجرد وحدات ادارية الى دويلات ذات كيان مستقل داخل الدولة . ومن ناحية اخرى تبدو اهمية الرقابة على السلطات المحلية للحد من ميل هذه السلطات المحلية الى الاسراف في حماية مصالحها المحلية ولو على حساب المصلحة القومية العامة التي ينبغي ان تكون لها الافضلية عند تعارضها مع اية مصالح لسكان اجزاء معينة من اقليم الدولة . ولذا فان الاعتبارات السابقة تقتضي ان يكون استقلال الهيئات المحلية نسبيا وليس مطلقا ، تمارسه هذه السلطات تحت رقابة السلطة المركزية وذلك صيانة لوحدة كيان الدولة (المعاني ،33و34) ويذكر الدكتور عبد الرزاق الشيخلي من ان " الهيئات المحلية تتمتع بنوع من انواع الاستقلال غير ان هذا الاستقلال يجب ان لايكون مطلقا والا لأصبحت الهيئات المحلية دولا داخل الدولة . ولذلك تجمع انظمة ادارة المحلية حرصا على صيانة الوحدة القانونية والسياسية للدولة بأن يكون استقلال الوحدة الادارية المحلية نسبيا ويعني وجود رقابة تمارسها الحكومة المركزية على الادارات المحلية ، ويلاحظ ان وجود الرقابة يعتبر امرا لازما وضروريا ولكن درجة الرقابة هذه تختلف من دولة لأخرى تبعا لاختلاف انظمتها السياسية واحوالها وظروفها الاجتماعية والاقتصادية . " ويتنازع العالم في الوقت الحاضر - بصورة عامة – نظامان الاول : المطبق في الدول الانجلوسكسونية والاقطار التي اخذت عنها وهذا النظام الذي بموجبه تتمتع السلطات المحلية عند قيامها بواجباتها بحرية اكثر من النظام الآخر . والثاني يسمى بنظام الوصاية الادارية المطبق في النظام الفرنسي والدول الاخرى التي تبنت هذا النظام كدول الشرق العربي والادارة المحلية بموجب هذا النظام لايمكنها من القيام بالواجبات والاعمال المناطة بها – في كثير من الاحيان – بلا موافقة الحكومة المركزية سواء أكانت هذه الموافقة قبل القيام بالواجبات وممارسة المسؤوليات او بعد ذلك . وهذا يعنى ان الحكومة المركزية تمارس رقابة ثابتة وشديدة على السلطات المحلية . " ( عبد الرزاق الشيخلي ، 2001 : 35 و36 ) واقر المؤتمر الرابع للادارة المحلية سنة 1978 توصيات حول العملية الرقابية منها : • ان يكون التقويم قائما على مقاييس وأسس موضوعية معروفة مسبقا للجميع . • اعادة النظر في اجهزة الرقابة الموجودة بما يحقق التنسيق بينها ، والغاء تلك الاجهزة التي لاحاجة لها او التي تقوم اجهزة بمهامها منعا للازدواجية والتضارب وحرصا على عدم تعطيل العمل . • كما يوصي المؤتمر بضرورة وجود نظم متابعة وتقويم تستند الى اسس ومعايير عملية هدفها معرفة ما حققه المشروع من الاهداف التي رسمت برامج لتحقيقها ، وكذلك معرفة نقاط الضعف في التنفيذ لتلافيها مستقبلا . ( المنظمة العربية للعلوم الادارية ، التوصيات ، 1978 :157)استقلالية الهيئات المحلية في ممارسة اختصاصاتها : لكي يكتمل نظام الادارة المحلية ذاتيا ، فان الهيئات والمجالس والموظفين الذين يديرون الوحدة يستقلون في اصدار القرارات الادارية اللازمة ، ومباشرة الاعمال التي تقتضيها شؤونها ، بمنأى عن ضغط الحكومة المركزية . الا انه مما لاينال من استقلال الهيئات المحلية في ممارسة اختصاصاتها القانونية ، قيام الحكومة المركزية بأشراف على قرارات واعمال الاولى ، وذلك بطريقة التكافؤ والمساواة . ( عبد القادر الشيخلي ، 1982 : 39 ) ان غياب ( الوصاية الادارية ) او الرقابة الادارية طبقا للمفهوم اللامركزي الذي يتحقق بأصطلاح ( الاشراف ) يفضي الى ضعف الروابط بين الادارات المحلية والحكومة المركزية ، وبالتالي ، تصبح الوحدة المحلية دولة داخل الدولة الأم ، وهذا ما يؤدي الى تفكك اواصر الدولة ووهن سيادتها الداخلية . في ضوء هذا الادراك ، فأن استقلال الهيئات المحلية في اصدار قراراتها الادارية ومباشرة اعمالها التنفيذية لايعني بحال خروجها على احكام واسس سياسة الدولة ، وانما الاستقلال الاداري يفهم في اطار السياسة العامة للدولة . ( عبد القادر الشيخلي :39 و40 ) ان وجود الاقسام الادارية اللامركزية مثل الهيئات المحلية ، والوحدات الادارية اللامركزية التي توجد في الاقاليم لاتنقص من سيادة الحكومة المركزية ، فهي تعمل كمعاون للحكومة المركزية في ادارة المصالح ، والمرافق العامة وفي اداء المهام التي تضطلع الحكومة المركزية بها في النطاق الاقليمي الذي توجد فيه هذه الاقسام اوالوحدات اللامركزية . فالمنظمات اللامركزية كالمحافظات والاقسام والهيئات المحلية التابعة للوزارات ، تمارس سلطاتها واعمالها بأعتبارها نائبة عن الحكومة المركزية ، وليس باعتبارها كيانات تنظيمية وادارية مستقلة . فالحكومة المركزية تملك حق تعديل النظام اللامركزي في أي وقت ، دون ان يكون ذلك رهينا بموافقة الهيئات اللامركزية . بل ان الحكومة المركزية تستطيع ان تصدر تشريعا يلغي النظام اللامركزي ، ويلغي هذه التقســــــــيمات الادارية اللامركزية . ( عاشور،1979 : 158 ) .

الوجه الحديث للبيروقراطية في الدول النامية :

1. ان البيروقراطية في الدول النامية تعني بالدرجة الاولى مجموعة مساويء .2. ان البيروقراطية النامية والمتقدمة على حد سواء تتسم بالتضخم . 3. امتداد التضخم الى البناء الحكومي والقطاع العام .4. تعدد مستويات التنظيم مما يؤدي الى صعوبة توصيل البيانات والتقارير للادارة العليا ، اضافة الى كثرة اجهزة الرقابة وتضاربها وعدم فاعليتها ، وكثرة الالتجاء الى اللجان الفرعية ، وسعة عمليات التفتيش .5. كثرة العاملين في التنظيمات البيروقراطية والتكديس فيها مما يعرقل الاداء الوظيفي وتنفيذ البرامج ، ويعقد اداء الخدمة العامة . 6. التمسك بحرفية القانون والتحايل عليه . 7. الاهمال . 8. الاسراف وارتفاع التكلفة الاقتصادية للخدمة او للانتاج . 9. المحاباة والوساطة . 10. اضفاء طابع السرية الشديد . 11. المركزية الشديدة . الجنوح نحو النمطية . 12. عدم اعتماد الاساليب العلمية . 13. عدم اعتماد الكفاءات في الادارة العليا .

البيروقراطية المقارنة :

المشكلة العامة المعقدة الموجودة بصورة او بأخرى في مختلف النظم والنماذج والظواهر الادارية قديمها وحديثها هي مشكلة البيروقراطية التي اثارت جدلا عظيما بين علماء الادارة العامة وعلماء الاجتماع والدراسات السلوكية على حد سواء .تتعدد معاني المفهوم في الاستعمالات الشائعة للبيروقراطية : • قد يعنى مفهومها النظام الاداري كله .• البيروقراطية قد تنصرف الى مجموع الاجراءات التي يجب اتباعها في العمل الحكومي• قد تستعمل لتعني القوة على اساس السلطة .• قد تعني الدور الممارس من قبل الموظفين .وقد رأى ماكس فيبر ان هناك عدة خصائص مشتركة للتنظيم بمعنى البيروقراطية تتمثل في الاتي :* استمرارية التنظيم في تقديم الوظيفة الرسمية وفقا للقواعد .* تسلسل السلطة .• فصل الادارة عن الرقابة .• تعيين الموظفين وتحديد نظام الوظائف والمرتبات والمراتب . • تقنين القوانين والقواعد الادارية واقامة نظام للانضباط . • اختيار الموظفين على اساس المؤهلات الفنية .وقد يعني مفهوم البيروقراطية معنى آخر غير محبب ويتسم بالنقد في مجالات الانشطة الادارية حيث يعني وصفها ببطء وتأخير والتخوف من الاقدام على صنع القرارات والبت في تصريف الامور بدرجة عالية من الحرص والوسوسة تؤدي الى عرقلة العمل الاداري وضياع الهدف .

نمو البيروقراطية

لاحظ رجز ان في المجتمعات الانتقالية تأخذ التغييرات مكانها في الجهاز البيروقراطي بشكل اسرع من التغييرات التي تحدث خارج البيروقراطية . وان السلم البيروقراطي يظل هو الاطار الوظيفي الذي يتمتع بأقصى درجة من الاحترام والتقدير ، كما انه هو الذي يؤمن الوظائف المختلفة في المجتمعات الانتقالية .. ومن اجل ذلك فان البيروقراطية في هذه الفترات تعتبر هي القابضة على زمام عمليات التمدن وهي المحتوية ( وعاء ) المفكرين المحدثين الذين يحملون اتجاهات التغيير ولزوميته ، بينما نجد ان الاتجاهات التقليدية تبقى قوية ولكنها محصورة خارج البيروقراطية وغالبا في المناطق غير المتحضرة . ويترتب على ذلك ان البيروقراطي يصبح اكثر تخصصا في الناحية الوظيفية ، واكثر تمركزا وانتشارا .

تغيير القيادات الإدارية لا يغني عن التطوير المؤسسي

د. عدنان بن عبد الله الشيحة
تعكس التغييرات الوزارية الأخيرة توجها حميدا نحو التطوير وجلب أفكار ومبادرات جديدة ترتقي بالاقتصاد والمجتمع وتسهم في البحث عن معالجات للمشكلات ومواجهة التحديات واحتواء المستجدات على الساحتين الداخلية والخارجية، كما أنها تدل على أن الوزراء والقياديين في المناصب العليا مطالبون بأداء متميز وتحقيق نجاحات وانجازات على الأرض تضيف إلى جهود ونتائج من سبقوهم هامشا من التطوير والتحسين وخلق فرق محسوس في الخدمات المقدمة للمواطنين والتهيئة لأوضاع اقتصادية واجتماعية أفضل. ومن هنا تم التجديد لبعض المناصب العليا في الدولة كمكافأة للتميز في الأداء والإنتاجية والمشاريع وتعزيز الثقة بالتوجهات والسياسات والخطط المتبعة. إذ لا يعني التغيير فقط للأشخاص ولكن أيضا تغيير الأداء والأهداف والخطط والأسلوب القيادي والتفكير الاستراتيجي والفلسفة المتبعة في عملية صنع القرار بما يتفق مع الإرادة السياسية ورؤيتها وتطلعاتها. لذا فاختيار الوزراء الجدد يعكس الثقة الملكية بقدراتهم وكفاءاتهم بناء على تجاربهم ونجاحاتهم السابقة في تحقيق الرؤية والطموحات. المسألة لا تتعدى كونها تغييرا في أسلوب العمل والنهج المتبع في ترجمة السياسات العامة للدولة إلى مشاريع وخدمات بكفاءة وفاعلية تجسر الفجوة بين الوضع الحالي والوضع المرغوب. التغييرات طالت الوزارات ذات العلاقة المباشرة بخدمة العموم مثل الصحة والتعليم والعدل، ولكن تبقى هناك وزارات ذات تأثير كبير في الأداء الحكومي ولكنها خفية تقع في الظل ولا تحتك بالجمهور مباشرة تتطلب التغيير والتجديد. دور هذه الوزارات مساند وداعم للأجهزة الحكومية الأخرى يرتكز إلى سن التشريعات والنظم والخطط ، وهو دور استراتيجي يسهم في رسم ملامح المستقبل وتحديد الهوية الإدارية والاقتصادية للوطن. التطوير والإصلاح الإداري منظومة متكاملة تتداخل فيها جميع الأجهزة الحكومية وتتطلب، إضافة إلى تغيير القيادات الإدارية التطوير المؤسسي ليس من الناحية الإدارية الفنية وحسب ولكن أيضا من الناحية الإجرائية السياسية، بحيث يمنح مجلس الشورى ومجالس المناطق والمجالس المحلية والبلدية صلاحيات رقابية وتشريعية باستقلالية تامة تمكنها من تقييم أداء الأجهزة الحكومية بشفافية وحصانة قانونية في المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية.
التنظيمات البيروقراطية منفردة لن تستطيع النهوض بعملية التطوير والإصلاح خاصة أنها تدور في فلك ضيق داخل المنظمات الحكومية. وهناك عدة أمثلة تثبت أن معالجة المشكلات الاجتماعية من خلال حلول بيروقراطية أو إنشاء بيروقراطيات إضافية هي معالجة يائسة ولا تحقق الغرض المطلوب. والأمر يبدو عجيبا عندما تراقب البيروقراطيات من بيروقراطيات أخرى فتكون المراقبة شكلية فنية تقريرية استشارية. هذه الرقابة البيروقراطية تتعلق بمسألة أساسية يثيرها التساؤل "من يراقب المراقب؟" إذ إن الأصل في البيروقراطيات أنها سلطات تنفيذية بينما تتولى المجالس النيابية السلطات التشريعية وصياغة السياسات العامة لتقوم البيروقراطيات بتنفيذها، إلا أن البيروقراطيات في الوضع الراهن تستحوذ على السلطتين التنفيذية والتشريعية! هذا التمركز للسلطة في جهة واحدة يؤدي إلى مفسدة إدارية واجتماعية عظيمة. من هنا كانت الدعوة إلى الفصل بين السلطات في جهتين حتى تتحقق الرقابة المتوازنة فيما بينها ولا تستأثر جهة واحدة بجميع السلطات. هذا هو التطوير المؤسسي الحقيقي المنشود الذي يحقق تغييرا جوهريا يدفع نحو آفاق أرحب وأعلى من النضج الإداري. وهو ما تتطلبه المرحلة المقبلة لمواجهة التحديات الكبيرة التي تتفاقم مع مرور الزمن وتجعلنا قادرين على وأدها في مهدها قبل أن تتحول إلى طود عظيم يصعب التعامل معها ونعدم السيطرة عليها. لقد مضى زمن طويل ونحن ندور في فلك البيروقراطية البطيئة الراكدة وجاء الوقت لتحريكها وإيقاظها من سباتها العميق بتحفيزها ومراقبتها ومساءلتها من قبل مجالس نيابية تعكس الرأي العام وترعى مصالح السكان. لم يعد بالإمكان الاستمرار في قبول هذا التراخي والتثاقل البيروقراطي في إنجاز المشروع التنموي وتفويت فرصة تحقيق مركز متقدم في المنافسة العالمية. ولا يمكن اختزال التغيير والتطوير الإداري في تعيين قيادات جديدة أو التطوير داخل الأجهزة الحكومية وإنما من الضروري تناول التغيير بمنظور مؤسسي شامل لمنظومة صنع القرار العام، بحيث يعمل على التقليل من الاعتماد الكلي على البيروقراطيات العامة وإنشاء مؤسسات تشريعية تتقاسم معها الصلاحيات بالتساوي وتضع نهاية لاحتكار السلطة من قبل البيروقراطيات لضمان حد أدنى من التنافس والتكامل والتخصصية في الأدوار والمسؤوليات. هذا التحول المؤسسي سيؤدي إلى الالتفات إلى القضايا والمشكلات التنظيمية الحقيقية والصعبة ويدفع نحو الغوص في أعماقها والمحاولة الجادة لمعالجتها واقتلاعها من جذورها، بدلا من الانشغال بالإجراءات الروتينية الورقية وبالأمور الشكلية للاستهلاك الإعلامي. ولذا نلاحظ أنه يذهب وزير ويأتي آخر في عدة قطاعات ولكن تبقى القضايا الحاسمة والحساسة دون نقاش ويكون التطوير هامشيا لا يمسها ولا يقترب منها وبالكاد تكون معالجات لظواهر المشكلة وليس مسبباتها الحقيقية لتستمر على الرغم من الإنفاق السخي للدولة على هذه القطاعات! على سبيل المثال مشكلات التعليم بشقية العام والعالي وضعف أدائه تتعلق بالعقم الإداري المتمثل في المركزية الشديدة بحيث يسلب التنفيذيين في الميدان الصلاحيات وهم الذين يفترض أن يصنعوا الفرق في الأداء بأفكارهم وإبداعاتهم والبحث عن بدائل تطويرية. يفترض أن يمنح مديرو المدارس على سبيل المثال صلاحيات إدارية ومالية ومن ثم محاسبتهم على النتائج حسب معايير وأهداف محددة وإلا كيف يمكن التمييز بين الغث والسمين ومن يملك القدرة القيادية والتطويرية ومن لا يملكها؟ والتوقف عن الإشراف التربوي بصورته الحالية لأنه لا يقيس ولا يطور الأداء ولا يحدث التغيير المطلوب في سلوك المعلمين ونهجهم في التدريس. هذه مسؤولية مدير ومديرة المدرسة اللذين تعايشان المدرسين والمدرسات يوميا ويراقبانهم من كثب لكنهما مسلوبا الصلاحيات لا يملكان إلا ختم المدرسة وتمرير الأوراق وضبط الحضور والانصراف! الجامعات هي الأخرى تحتاج إلى تحويلها إلى مؤسسات غير ربحية بمجالس أمناء يتشكل أعضاؤها من جميع فئات المجتمع حتى تكون اقدر على تلبية احتياجات المجتمع كما ونوعا. هناك أيضا ضرورة لتطوير أنظمة الخدمة المدنية بما يتناسب مع المستجدات الاقتصادية والتقنية والمهنية. النظام المالي هو الآخر يشكل عقبة كؤودا وسدا منيعا أمام أي محاولة للتطوير والإبداع بحجة الحفاظ على المال العام، وهو في واقع الأمر من دون أن نعلم يكلفنا الكثير من الهدر المباشر وغير المباشر. الاقتصاد أصبح يتيما يتبع وزارة الاقتصاد والتخطيط بالاسم ولوزارة المالية بالتبني دون هوية تنظيمية! هذه تشكل ظواهر إدارية غير صحية سببها تفرد البيروقراطيات العامة بجميع الصلاحيات دون مراقبة ومساءلة من مؤسسات نيابية نافذة. وهي بكل تأكيد لا تنحصر في الأجهزة الحكومية التي ذكرت وإنما فقط هي عينة لصور تبين ضرورة التطوير المؤسسي والقانون العام وعدم الاكتفاء بتغيير القيادات الإدارية إذا ما شئنا ارتقاء درجات أعلى في السلم الحضاري والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

تدعيم اللامركزية وتفويض بعض السلطات :

تقتضي اللامركزية استعداد رؤساء التنظيم لإشراك مرؤوسيهم في سلطة اتخاذ القرار ، وجعل قنوات الاتصال أكثر انفتاحا ، بحيث تتحرك المعلومات بشكل عرضي ولأعلى بحرية أكثر مما هي عليه في المنشأة البيروقراطية ، وتقليل الاعتماد على القواعد والإجراءات ومبادئ الموضوعية المجردة ، وتشجيع الاختلاف في التفكير ... وإلى حضرتكم ما قد يترتب على ذلك :
1) يتناقص عبء كل من مسئولية اتخاذ القرار ومسئولية التنسيق في الإدارة العليا ، فيتاح لها الوقت الكافي للتعامل مع القضايا الهامة.
2) يتم اتخاذ القرار بواسطة أفضل المؤهلين ، وهم الذين يتعاملوا مع المشكلة بشكل مباشر ، فلا تنفصل البيروقراطية عن الجماهير.
3) يتم اختصار الوقت المطلوب للوصول للقرارات ولتنفيذ الحلول.
4) تصبح المنشأة قادرة على الاستجابة للتغيرات التي تقع في بيئتها المحيطة.
5) تحصل المجموعة التنفيذية على آفاق واسعة من الخبرة والتدريب أثناء ترقيهم داخل التنظيم.
6) ترتفع الروح المعنوية ويزيد الالتزام لدى العاملين.
7) تنخفض نسبة تشويه وتحريف المعلومات نظرا لقلة عدد المستويات التي يجب أن تمر بها هذه المعلومات.
8) يقل التهرب من المسئولية وإلقاءها على مستويات إدارية أعلى.




أضف إلى ذلك قائمة أخرى من التوصيات يمكنك أن تضيف إليها وتتضمن :
· اختصار الخطوات والإجراءات وبساطة ووضوح التعليمات.
· التوسع في استخدام الحواسب الآلية .
· تخفيف حدة النقد الموجه من الطبقات المستنيرة والصحف والإعلام للموظف الحكومي .
· توعية الجمهور للتعامل مع الموظفين على نحو أمثل .
· تحسين المقار الإدارية أو الظروف الفيزيقية للعمل .
· توعية الموظفين لأهمية ما يقومون به من عمل ودوره في تطور المجتمع .
· تدريب الرؤساء على الأنماط الإدارية التي تقضي على البيروقراطية .
· تقليل حجم التنظيم البيروقراطي في كل منشأة .
· الاعتماد على الأسس العلمية في اختيار وتوجيه كافة العاملين بالتنظيم ، أي " وضع الشخص المناسب في العمل المناسب " .

التهرب من المسئولية :

مما لا شك فيه أن الموظف الحكومي في التنظيم البيروقراطي يميل إلى تجنب المسئولية ، وإلى عدم التصرف إذا كان التصرف ينطوي على مبادأة ، فهو ينزع للاعتراض الشكلي أو الدفع بعدم الاختصاص والإحالة إلى الغير أو لمستويات عليا ، وهو أمر يتبدى بصورة واضحة فيما رصد عن المظاهر السلوكية للموظف الحكومي كما يدركها المتعاملون معه ، والتي أشرنا إليها منذ قليل .
وفضلا عن أن الدراسات العلمية التي أجريت في المجتمع المصري – وهي قليلة – حول ظاهرة البيروقراطية ، أشارت نتائجها إلى أن تجنب المسئولية أحد أهم العوامل المتعلقة بالسلوك البيروقراطي.. أنظر ( 9 ، 10 ، 11 ) ، فإنه يمكنكم أيضا وبسهولة رصد هذا الميل في تعدد الموافقات والمراجعات ، والتضخيم المستمر للأعمال الورقية ، وإكساب الإجراءات واللوائح نوعا من القدسية .والحق أن ميل الموظف في التنظيم البيروقراطي إلى التهرب من المسئولية والعزوف عن المبادأة إنما يعود إلى عدة عوامل يأتي على رأسها " الحفاظ على أن يكون في مأمن من المؤاخذة ، وأن يتجنب العقاب في حالة حدوث خطأ

المظاهر السلوكية للموظف البيروقراطي

أشار 69% من أفراد العينة إلى أن المظاهر السلوكية التي يروا أنها متوافرة في الموظف الحكومي تنطبق على كافة أنواع الموظفين العاملين بالحكومة المصرية .. في حين أشار 31% إلى أنها تنطبق على الموظفين المتعامل معهم عند إنهاء مصلحة .
وقد ذكر 47% من أفراد العينة " الرشوة " في أخرى تذكر ، و 24% " المجاملة " ، و 22% " عدم احترام المواطنين " ، و 7% " الإصرار على الخطأ " ، و 4% " ضعف المهارات " .
وأهم ما يمكن ملاحظته في النتائج السابقة أن أقل درجة وهي (137) كانت أكبر من نصف النهاية القصوى ، أي أن درجة هذا المظهر السلوكي كانت تزيد عما يحصل عليه من درجة لو أن كل فرد من عينة الاستطلاع رأى أن هذا المظهر السلوكي " متوافر " .
والغريب أن الموظف الحكومي يدرك إدراك الرأي العام لهذه الصورة السلبية عنه ، ففي دراسة لـ " محسن العرقان " (8) بعنوان " دراسة ميدانية في سيكولوجية الموظف القيادي " أجريت على عينة من الموظفين غير القياديين العاملين بالحكومة المصرية وعددهم 250 موظفا ، ذكر 55% من أفراد العينة حينما وجهت إليهم عبارة ناقصة مفادها :
" أكتر حاجة مخلية الجمهور يشتكي من الموظف هي ………."
( تقاعسه عن أداء واجباته ، فوت علينا بكرة ، عدم الاهتمام بوظيفته ، عدم فهم العمل ، تأخير مصلحة الجماهير ، التباطؤ والكسل ).
وذكر 11% ( التزويغ وعدم الالتزام بساعات العمل ) ، و10% أشاروا إلى (سوء أخلاق الموظف وفظاظته) ، و4% أشاروا إلى (لجوئه للرشوة لتعديل دخله ) .
وهو أمر يجعلنا نتوقع تسرب مشاعر فقدان التقدير للموظف .

خصائص البيروقراطية في صورتها المثالية:

1) تقسيم واضح للعمل توزع بمقتضاه الأعمال المعتادة بطريقة محددة تأخذ شكل الواجبات الرسمية .
2) ترتيب الوظائف في شكل هرمي متدرج ( هيراركي ) ينتج عنه سلسلة من الأوامر.. " مبدأ التسلسل الإداري"
3) تخضع جميع الأنشطة في البيروقراطية لقواعد مطلقة تطبق بطريقة موحدة في كل الحالات بعد تحليل المشكلة إلى عناصر ، وكل عنصر يخضع للقواعد والتعليمات الموضوعية.
4) يتصرف البيروقراطيون بطريقة غير شخصية عند تطبيق القواعد.
5) تعتمد معايير الاختيار في تعيين الأفراد على مؤهلات المتقدمين ، وعلى ضوء المعايير الموضوعة والخاصة بكل عمل والتي يضعها الرسميون في التنظيم البيروقراطي.

" أضواء نفسية على ظاهرة البيروقراطية في الإدارة المصرية "

اكثر ما يهمني في هذا المضمار هو البعد التنظيمي :
يقصد بالبيروقراطية وفقا لهذا البعد " البناء التنظيمي "، ويشمل الاهتمامات التي تدور في نطاق علمي " الإدارة العامة " و " الاجتماع "، حيث ينصب الاهتمام على مختلف القواعد الإجرائية التي تحكم العمل ، أو بمعنى أخر العلاقة الشرعية بين الرئيس ومرؤوسيه ، وقواعد الثواب والعقاب ، وأساليب الالتحاق بالخدمة في الجهاز البيروقراطي . ( 21 : 14 )
وربما كان " ماكس فيبر " من أبرز مستخدمي المفهوم للدلالة على هذا المعنى ، فالبيروقراطية من وجهة نظره ظاهرة ترتبط ببعض العناصر والأبعاد ، كتقسيم العمل وتوزيع الأدوار والتخصص والقواعد واللوائح .... الخ ، وهو يستخدم تعبير "التنظيم البيروقراطي" للإشارة إلى الوحدة التي تقام لخدمة هدف معين ، وتستعين لتحقيق ذلك بمجموعة من الإجراءات كبناء السلطة والتخصص والقواعد ..الخ ، كالهيئات الحكومية والجيوش والمستشفيات والجامعات ، إذ من المفترض أن تسعى هذه التنظيمات البيروقراطية لخدمة أهداف بعينها يصعب تحقيقها دون الأخذ بنمط معين من التنظيم الإداري . ( 7 : 104 )