Powered By Blogger

الثلاثاء، 7 أبريل 2009

انعكاسات البيروقراطية على التنمية

وقد عاشت البيروقراطية عبر السنين، لكنها لم تلق في يوم من الايام مثل هذا الاهتمام الذي تحظى به الان مما يجعلها في مفترق الطرق فهي حينا تدرس كظاهرة، ثم تهاجم كمرض ثم تساند كواقع لابد منه ثم انها موضوع نقد وموضوع اهتمام.ومنذ بضعة اعوام والصيحات تعلو شيئا فشيئا حول البيروقراطية ومن جرائها اغلبهم يحذر منها ومن شرورها وينبه الى القضاء عليها، وهي وسط كل هذا تنمو وتتضخم غير مبالية بما يدور حولها من صيحات استهجان او اصوات تأييد حتى لم يعد هناك امل في القضاء عليها في المستقبل.ومن هنا لزم تفهم البيروقراطية في اطارها الصحيح من خلالها حقائق الحياة المحيطة بها، ومدى تأثر البيروقراطية بالمناخ المعاصر لها.فالبيروقراطيون من صنع مجتمعهم يتأثرون به وبالاحوال السائدة فيه ولكنهم ايضا في وقتنا الحاضر هم الذين يغيرون المجتمع ويشيدون المستقبل ويقودون معارك التنمية.واستنادا الى الفكرة التي ترى ان العمل البيروقراطي النشيط والفعال يشكل ضرورة ماسة لكل مستويات ومراحل النمو والتطور الاقتصادي فانه بالمقابل يشكل عبئا مضافا على استمرار زخم عملية التطور والابداع وعليه فان هذا البحث يهدف الى التركيز على عناصر الفعل البيروقراطي غير النشط والذي يشكل في العديد من مراحل تطوره عاملا مثبطا ومعرقلا لحركة او عملية التطور الاقتصادي، واطاراً مسانداً لخلق بيئة مساعدة لنمو ظاهرة الفساد الاداري بمختلف اشكاله.تتجه غالبية الدول اليوم- ولاسيما دول العالم الثالث- نحو تحقيق تنمية قومية شاملة تجمع بين التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والادارية والثقافية جميعا، والتنمية لا تحقق نفسها بنفسها انما عليها ان تعتمد على جهاز ضخم يسعى بالدولة نحو هذه التنمية، هذا الجهاز هو التنظيم الاداري او التنظيم البيروقراطي الحكومي باجزائه المختلفة.والبيروقراطية.. وان كانت وسيلة لتحقيق التنمية القومية في مجتمع ما.. الا انها كأية منظمة تعيش في اي مجتمع تتأثر بكل ما يؤثر في هذا المجتمع ومن هذه المؤثرات عملية التنمية ذاتها، فالبيروقراطية في الوقت نفسه وسيلة للتغيير الاجتماعي وهي كذلك تتأثر بالتغير الاجتماعي بل لابد ان تتفاعل معه حتى تصبح اكثر قدرة على تحقيق اهدافها والبيروقراطية كاحدى المنظمات الاساسية في الدول النامية لا يسعها الا ان تتأثر بكل ما يؤثر في الدولة النامية من مؤثرات وعليها ان تواجه كل ما يصـادف المجتمعـات النـامية من تحديات ومشـكلات.ومن السمات والتحديات التي تواجه البيروقراطية الحكومية خلال مرحلة الانطلاق واثناء عملية التنمية القومية الشاملة ما يلي:1- الاوضاع الاقتصادية:ان الادارة العامة بوصفها تنفيذا للسياسات العامة فان اول متطلباتها هي سياسة عامة واضحة محددة والدول النامية تواجه عادة تغييرات جذرية ناتجة من عملية الاستقلال السياسي ومتطلبات التنمية والتغير الاجتماعي.وكل ذلك يؤدي الى تحولات في السياسة العامة قبل ان تكون الاجهزة الادارية معدة لها بل اكثر من ذلك فان السياسة الجديدة كثيرا ما تكون غير واضحة المعالم او محددة الاطار.. انما خاضعة للتجربة والخطأ وتظل سياسات الدول النامية على هذه الحال فترة تمر بها الدول المختلفة في تجارب عدة ثم تخرج من واقعها بفلسفتها المناسبة التي تبنى عليها السياسة العامة التي تناسبها والتي تتفق مع قيمها وانماطها وامكانياتها وتعمل على تحقيق اكبر قدر من اهدافها وخلال هذه المرحلة تعيش الادارة العامة في ضباب لا يساعد على تبين الهدف ومن ثم يكون طريق السعي الى تحقيقه طريقا بطيئا متعثرا.2- التدخل السياسي:الى جانب عدم وضوح الاهداف السياسية العامة في كثير من الدول النامية فان بعضها يعاني من تدخل الاعتبارات السياسية في اعمال الجهاز الاداري لدرجة تفوق ما يتطلبه التغير السياسي والاجتماعي من تدخل ورغبة في الابقاء على مساندة الشعب ومؤازرته نجد ان كثيرا من الدول النامية تعطي اولوية لمشروعات ليس لان لها اولوية وفاعلية في تحقيق التنمية ولكن لان لها شعبية مما يحد من سرعة تحقيق التنمية.3- زيادة اعباء الجهاز البيروقراطي:ان اتساع نطاق العمل الحكومي بالتحول نحو الدولة الايجابية او دولة الادارة ودخول الدول في مجالات ما كانت تطرقها من قبل ولكنها ولاسيما في الدول النامية وجدت نفسها مضطرة الى دخولها من اجل تحقيق التنمية ادى الى النمو السريع للجهاز البيروقراطي وتزايد عدد وحداته وعدد العاملين به وعدد المتعاملين معه وهذه الزيادة التي جاءت طفرة لم تصاحبها زيادة في الامكانات البشرية ولا في الموارد ولا في ادراك الجماهير لدورهم في انجاح العمل الاداري.4- نقص الموارد المادية:وتعاني اغلب الدول النامية من مشاكل اقتصادية كثيرة اما لعدم توافر الامكانيات المادية او لعدم استثمارها لما لديها من امكانيات او بسبب التبعية الاقتصادية او الاستعمار الاقتصادي المقنع ولكل هذا اثره في الحد من فاعلية الاجهزة البيروقراطية وامدادها بما تحتاجه من اموال وموارد لتحقيق اهدافها.5- نقص الكفاءات البشرية:والدول التي استقلت حديثا تواجه تحديا اخر فهي من ناحية لا تتوافر فيها الاعداد الكافية من الفنيين الذين لاغنى لها عنهم من اجل تحقيق التنمية ومن ناحية اخرى زادت حاجتها الى تدعيم جهازها البيروقراطي باعداد اكثر من هؤلاء الفنيين بعد ان اتسع نطاق نشاطها ويزيد من حدة الموقف عوامل اخرى منها طرد اعداد كثيرة من الاجانب ذوي الخبرة وهجرة اعداد من ابنائها ذوي الخبرات الى الخارج ثم تفضيل اعداد اخرى منهم العمل في نطاق الاعمال الخاصة على الالتحاق بالاجهزة الحكومية.6- عدم توافر البيانات:ومن المشاكل التي تواجهها الاجهزة البيروقراطية عدم توافر البيانات والمعلومات اللازمة للتخطيط ولذلك كثيرا ما تجيء الخطط التي تسعى اليها البيروقراطية غير واقعية او غير فعالة، ونقص البيانات والاحصاءات والدراسات المتصلة بعمليات التخطيط وعدم دقتها او تنظيمها وعدم وصولها في الوقت المناسب سواء كان ذلك لاسباب تتصل بالوعي التخطيطي او باجهزة التخطيط نفسها او لنقص الفنيين او غيره يقلل فرص الافادة منها ويعرض عملية التخطيط ومن ثم عملية التنمية لكثير من المشاكل.7- التخلف الحضاري:ومن اهم التحديات في نظرنا وفي مقدمتها التخلف الحضاري الذي تعاني منه البيروقراطية فهناك عادة مسافة واسعة وهوة سحيقة بين التقدم المادي الذي تحققه التنظيمات البيروقراطية وبين الافكار والقيم والعادات والتقاليد التي تتحكم في سلوك العاملين به لان التغير الحضاري المتصل بهذه النواحي يحتاج لمزيد من الوقت والجهد الضروريين ويلزم البدء به في المجتمع ككل ليمكنه ان يحدد رد فعل ملموس وذا أثر مستمر في الجهاز الحكومي وسر ذلك ان البيروقراطية ف يمجتمع ما تتأثر حتما بالاحوال الملابسة لهذا المجتمع والتيار الفكري الذي يسري فيه والعادات والتقاليد وانماط السلوك المتعارف عليها وهي بذلك لا يمكن ان تتخلص تماما من اثر مثل هذه العوامل على المجتمع او من فعلها فيه وبعبارة اخرى نجد البيروقراطيين يمثلون عينة حقيقية للبيئة التي منها يستمدون وفيها يعيشون.ولما كانت الصفة الغالبة للمجتمعات النامية انها مجتمع زراعي او ذات محصول واحد فان القيم التي تسيطر على الحياة في هذا النوع من المجتمعات تشد اليها البيروقراطية وبصفة خاصة افرادها العاملين بالمستويات الدنيا والريف ولهذا السبب وليس دائما لنقص في الكفاية او الخبرة او الولاء نجد ان بعض المشاكل والمعوقات التي تتصل بالتنفيذ والادارة لا يمكن حلها او التخلص منها باجراءات مادية او قرارات ادارية او تنظيمات بيروقراطية مهما احكمنا اخراجها انما بتغييرات اجتماعية وثقافية شاملة.8- القيم الاجتماعية:تصادف معظم حكومات الدول النامية صعوبات جمة تتصل بتغيير النواحي الاجتماعية فالحكومات في الدول النامية الساعية للتقدم تعمل جاهدة لتغيير عادات وطباع وانماط سلوك مختلفة لشعوب محافظة تخشى التغيير وتقاومه والحكومات في التزامها بهذا الدور لا تؤديه عادة لاعتبارات مذهبية بقدر احساسها بان لديها حاجة ملحة لذلك تحت ضغط متطلبات الحياة الاقتصادية الحديثة وكثير من هذه القيم والعادات يعرقل عمليات التنمية ويحد من قيمة محاولات الارتفاع بمستوى كفاية الاجهزة الادارية ومن امثلة ذلك انعدام الوعي التخطيطي او العصبية الاسرية التي هي اساس المحسوبية الحكومية والاسراف والعنجهية والاهتمام بالمظاهر وعدم الثقة وعدم احترام الوقت وظاهرة اخرى هامة هي ما يعبر عنها (برجر) بظاهرة الشعور بالعداء Floating Hostility ومنها ايضا عدم الموضوعية في اتخاذ القرارات، وعدم الاهتمام الكافي بقطاعات الطفولة والشباب في عدد من الدول على رغم ما لهذه القطاعات من خطورة في تحديد وتحقيق اهداف التنمية.9- مكانة المرأة في المجتمع:ومن ابرز هذه العقبات مكانة المرأة في المجتمعات التي مازالت في طريق النمو، إذ لا تحظى بنفس المكانة التي تحظى بها المرأة في الدول المتقدمة وبذلك حرمت الدول النامية من طاقة لها قيمتها ويؤكد بعض الكتاب ان من مشاكل الادارة في الدول العربية وصف المرأة في منزلة دون منزلة الرجل مع ان الاسلام رفع من شأنها ويظهر ذلك في تأخر فرص تعليمها ولاسيما في الريف والبادية وفي تأخر قبولها موظفة في سلك الوظائف الحكومية وفي التردد في تعيينها في مراكز قيادية وان تساوت مؤهلاتها مع الرجل.ان نصف السكان في المجتمع العربي وهم النساء في وضع لا يسمح له الا بمشاركة جزئية في تنمية المجتمع وتطويره مع ان البحوث العلمية والخبرات العملية اثبتت ان طاقة النساء لا تقل عن طاقة الرجال في غالبية نواحي الحياة بل تفوقها في بعض المجالات الاجتماعية ومجالات الصناعات الدقيقة.10- ازدياد الشهية للتنمية:وتوصف هذه الظاهرة بانها من ابرز صفات المجتمعات النامية ذلك ان البدء بالتنمية يفتح الشهية لها ويغري بالمزيد منها والسواد الاعظم من المواطنين ممن استبد بهم الحرمان في الماضي تنبهت حواسهم لميزات الحياة الجديدة ومن ثم تبدو ظاهرة الحاجات المتزايدة للجماهير وما يترتب على ذلك من محاولات الحكومة لمواجهة المشكلات الناجمة عنها.11- ثورة الأماني والتوقعات:الى جانب ذلك فقد ادى الاتصال السريع والسهل بين الدول الى ان يتعرف المواطنون الى ما وصلت اليه دول غيرهم من مستويات معيشية عالية ثم جاءت حكومتهم تحاول رفع مستوى معيشة المواطنين.والحقيقة انه كلما ارتفع مستوى الافراد زادت مطالبهم وكلما ادركوا ما يمكن ان يصلوا اليه وما وصلت اليه الدول الاخرى كلما زادت ضغوطهم على الجهاز الاداري.. والجماهير تريد ان تصل في يوم وليلة الى ما وصلت اليه الدول في سنوات غير مدركة ان هذه الدول كان عليها ان تتطور تدريجيا وان تضحي وان تعاني حتى تصل الى ما وصلت اليه.12- الاهداف المتحركة:وقد كان من نتيجة كل ذلك ان اصبحت الاهداف العامة في مجتمعنا في حركة مستمرة للامام بمعنى انها اهداف طموحة غير جامدة والجهاز الحكومي بدوره يحاول اللحاق بهذه الاهداف ومحك الاختبار هو قدرته على سرعة الحركة في اتجاهها وتحقيقها كاملة.وتحرك الاهداف التي يسعى اليها الجهاز الاداري في الدول النامية يتم بمعدل اسرع من قدرة الجهاز الاداري على اللحاق بهذه الاهداف فيظل مهما حقق من نجاح وهو قد حقق فعلا الكثير يظل بعيدا عما ينتظر من تحقيقه ويبدو بذلك كأنه جامد لا يتحرك والجماهير قلما تكون موضوعية في حكمها على ما حققته حكوماتها وهي قلما تتعمق في البحث والتفكير وقلما تؤكد المكاسب والانجازات التي حققتها الاجهزة الحكومية بقدر ما تؤكد ما لم تحققه بعد وهي اقل ان تردد خبراتها.13- سلبية المواطن او عدم تفهمه لدوره:على رغم ان الجماهير تطالب حكوماتها بمزيد من التنمية وتقصدها لتحقيق ما حققته غيرها من الدول الا انها لا تدرك بعد خطورة دورها في تحقيق هذه التنمية ووجوب مساندتها الاجهزة الادارية وانه لا يمكن ان تحقق الادارة الا نجاحا بسيطا اذا لم تتعاون معها جماهيرها على تحقيق اهدافها، وفي الدول التي عانت شعوبها من الاستعمار تكونت مشاعر سليبة او عدائية في نفوس الجماهير تحد من رغبتها في التعاون مع الاجهزة الحكومية وهي تعرقل بذلك اعمال الحكومة حتى وان كانت هذه المشاعر كامنة او تؤخر- بسلبيتها- تحقيق التنمية، وهذه الجماهير بذاتها هي التي تطالب وتضاعف مطالبها فتصبح الصورة المتناقضة في الدول النامية على انه جهاز محدود الامكانيات تضغط عليه جماهير بعيدة الاماني والتطلعات قاصرة في الوقت نفسه او غير قادرة على القيام بدورها في مساندة وانجاح ما تطالب به.14- اولوية الإصلاح الإداري:ذكرنا ان التنمية لا تحقق نفسها بنفسها كما يلزمها للوصول لاهدافها جهاز بيروقراطي على مستوى عال من الكفاية وحرمان الدول النامية من مثل هذه الاجهزة كان كفيلا بان يعطي للتنمية الادارية اولوية كبرى ومع ذلك فان الاصلاح الاداري في عدد من الدول النامية كثيرا ما يكون في مقدمة الاولويات، وفي الدول النامية التي تواجه الحرب او خطر الحرب والتي تتعرض لانقسامات داخلية وحروب اهلية او مجاعات او انهيارات مصرفية يصبح الحديث عن التطور الاداري او نظم الاختيار او الحوافز او تصنيف الوظائف او دراسة الوقت والحركة او ميزانية الاداء.. ضربا من ضروب الاسراف في الكماليات على الرغم من ان الاصلاح الاداري يعد احدى الوسائل الفعالة في مواجهة تلك المشاكل الاساسية التي تعاني منها هذه الدول.15- النمو الحضري السريع:وتتصف الدول النامية بتحركات سكانية واسعة النطاق يتجه اغلبها من الريف الى الحضر ويرجع النمو الحضري السريع الى عاملين الاول هو عوامل طاردة في الريف وهي التي تدفع سكان الريف بعيدا عنه وعوامل جاذبة في المدن وهي التي تجذب اهل المدينة اليها واهم هذه فرص العمل المستمر بأجر ثابت وتوافر الخدمات المختلفة من تعليم الى علاج وغيره وارتفاع بمستوى هذه المجتمعات الى جانب توافر فرص الترفيه والتعارف والتواجد وسط الاحداث ومجريات الامور، وقد ادت الهجرة المتزايدة الى المدن الكبرى الى النمو الحضري السريع وما يصاحبه من مشكلات متصلة بالاسكان والتعليم والمواصلات والعمل والمياه والمجاري وغيرها وتحاول اجهزة الخدمات بالمدن الكبرى ملاحقة هذا النمو ونتائجه ويبدو انها لن تنجح تماما في هذا الاتجاه قبل ان تتوقف الهجرة الى تلك المدن او تخف حدتها.16- مطالب التصنيع:واذا كان التصنيع يعد اتجاها هاما في التنمية الاقتصادية الا ان للصناعة في بداية انشائها اعباءها ومشكلاتها، وقد ادى التصنيع في البلاد التي صنعت من قبل الى هزات في البناء الاسري وفي انواع العلاقات وانماط السلوك وهذا يعني انه يتعين على الحكومة ان تسعى جاهدة لحل الكثير من المشكلات وتخطيط المزيد من الخدمات الاجتماعية والثقافية والصحية وخدمات الامن والاسكان والمواصلات وما اليها في المناطق التي دخلتها الصناعة قبل ان تؤتي الصناعة ثمارها الطيبة المرتقبة.17- الانفجار السكاني:ويسهم الانفجار السكاني في زيادة الاعباء التي تواجه الاجهزة الحكومية والمشكلة السكانية كأحد العوامل الهامة المتداخلة في الموقف لا يرجى علاجها تماما في المدى القصير وهكذا تبقى قائمة الى حين ولما كانت نسبة الزيادة السكانية الحالية في الدول النامية تبلغ 2.5% سنويا فهذا يعني ان الزيادة المطردة في عدد السكان تلتهم جانبا كبيرا من عائد التنمية مما يجعل العمل الحكومي في الدول النامية يبدو كله يدور في حلقة مفرغة.18- تحديات اخرى:وهناك تحديات اخرى تمليها المشكلات والامراض الادارية والتنظيمية مما يطلق عليه اصطلاح البيروباثولوجي Bureau pathology وهذه متعلقة بالجهاز الحكومي نفسه، ومعظمها موروث عن الماضي مثل المشكلات المتعلقة بالقوانين واللوائح غير المتطورة والتنظيم الذي لا يلائم مطالب التنمية واساليب وطرق العمل المختلفة والروتين المعقد والمركزية الشديدة والعلاقة السيئة بين الجهاز الحكومي والجمهور مثل هذه المشكلات والامراض تبدو بصورة واضحة خلال مرحلة الانطلاق لانها تحتاج الى جهاز عالي الكفاية كامل الاستعداد سليم التنظيم مرن الحركة قادر على تحقيق الاهداف الطموحة.كل هذه التحديات وغيرها تواجهها البيروقراطية في الدول النامية وتحد من قدرتها على تحقيق اهداف التنمية الموكول اليها تحقيقها وهذه المشاكل والتحديات مفروضة على الاجهزة البيروقراطية وليست نابعة منها انما تنعكس عليها...ومع ذلك فان الاجهزة البيروقراطية تتحمل وزر ما تثيره هذه التحديات من مشاكل فيزداد سخط الافراد على البيروقراطية غير مدركين انها على الرغم مما قد يبدو منها من عيوب وعلى الرغم مما فيها من عيوب على سبيل المثل، فهي وسيلتهم الحتمية والاسلوب الذي لا غنى عنه لتحقيق الاهداف التي تسعى اليها دول العصر الحديث بما حققت من تقدم وحضارة وما اثارت من مشاكل وتحديات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق