Powered By Blogger

الجمعة، 13 مارس 2009

التنسيق الرأسي في نظام تسويق الخضار والفاكهة

التنسيق الرأسي في نظام تسويق الخضار والفاكهة
في المملكة العربية السعودية: دوافعه وواقعه وآفاقه
أ.د. صبحي محمد إسماعيـــل د. عبد العزيز بن عبد الله الـزوم
قسم الاقتصاد الزراعي، كلية الزراعة، جامعة الملك سعود، الرياض

موجــز

هدفت الدراسة تحليل التأثيرات الخاصة بالتنسيق الرأسي في النظام التسويقي للخضار والفاكهة في المملكة العربية السعودية، وأظهرت الدراسة أن أسواق الخضار والفاكهة المركزية تمثل أهم مصادر الحصول على الفواكه والخضار بالنسبة لجميع المواطنين من سعوديين وغير سعوديين و باختلاف مستويات دخولهم الفردية. يلي ذلك محلات السوبر ماركت. كما أوضحت أن دوافع التنسيق الرأسي بالنسبة لنحو 88.2% من مصانع الأغذية تتركز في حرصهم على الكمية المناسبة من المنتج وفي الوقت المناسب مع من تبرم معهم اتفاقات تعاقدية. كما يحرص حوالي 73.2% من أصحاب منافذ التجزئة المتخصصة للخضار والفاكهة على جانب النوعية للمنتجات المتعاقد عليها.
وفيما يتعلق بالمشكلات التي تصادف التنسيق الرأسي أوضح 57.6% من أصحاب منافذ التجزئة المتخصصة للخضار والفاكهة أهمية الحصول على مزايا سعريه وأنها أكبر المشكلات التي تواجههم مع الجهات التعاقدية, كما أشار 72.7% من أصحاب محلات السوبر ماركت إلى نفس المشكلة. أما العائق الآخر الذي عبر عنه 44.3% من أصحاب منافذ التجزئة المتخصصة للخضار والفاكهة, و 41.2% من أصحاب مصانع الأغذية فهو غياب الأطر التنظيمية والقانونية التي تحكم عملية التعاقد داخل الدولة. وأخيراً أظهرت الدراسة بأن تفعيل جوانب التنسيق الرأسي, كما عبرت عنة جميع فئات المنافذ التسويقية التي غطتها الدراسة, يعتمد على إنشاء هيئات تسويقية كبيرة ترعى الأطر التنظيمية للتنسيق السوقي، وعلى وجود إدارات متخصصة في المزارع والشركات للاهتمام بالعوامل المشجعة للتنسيق الرأسي بين أطراف النظام التسويقي.

http://faculty.ksu.edu.sa/62311/Publications/Paper(3).doc

التنظيم الهرمي للاستثمار

ماهو التنظيم؟؟؟

أنواع وطرق التنظيم *

هناك طرق عديدة لتنظيم المؤسسات تختلف في استعمالها باختلاف المؤسسات في حجمها وفي طبيعة أعمالها. لكل طريقة عيوبها و محاسنها و قد تكون طريقة تلائم مشروع لا تلائم المشاريع الأخرى. وعلى أي حال ومهما اختلفت هذه الطرق يمكن جمعها في ثلاثة أنواع رئيسية هي:
1. التنظيم الرأسي
2. التنظيم التخصصي أو الوظيفي
3. التنظيم الاستشاري

إن أقدم أنواع التنظيم وأبسطها هو التنظيم الرأسي. والمقصود بالتنظيم الرأسي هو أن السلطة تصدر من الإدارة العليا وتسير إلى الأسفل مارة بكل من هم تحتها في المرتبة إلى أن تصل إلى من هم في المرتبة الأخيرة, وبعبارة أخرى أن من هم في المرتبة الأخيرة مسؤولون أمام من هم أعلى مرتبة, وهؤلاء مسؤولون أمام الذين في المرتبة التالية, وهكذا تسير المسؤولية إلى الأعلى. فالذين هم في مرتبة مثل الإدارة الوسطى يكونون مسؤولين أمام الإدارة العليا وهكذا.

وعليه, في النظام الرأسي, نجد أن كل فرد أو مجموعة من الأفراد تستلم الأوامر من الفرد أو المجموعة التي هي في المرتبة الأعلى منها مباشرة, وهؤلاء في هذه المرتبة يأخذون الأوامر مباشرة ممن هم أعلى منهم مرتبة وهكذا.

فالأوامر في هذا النظام تسير بطريقة رأسية تخترق المؤسسة من أعلاها, أي من موظف فيها, والمسؤولية تبدأ من أسفل المؤسسة إلى أعلاها.

إن هذا النوع من أنواع التنظيم هو عبارة عن الطريقة التي كانت تتبع في المؤسسة الفردية, حيث أن صاحب المشروع هو مالكه وهو الذي في نفس الوقت مدير فيصدر الأوامر إلى موظفيه.

هذا في المؤسسة الفردية الصغيرة التي يتمكن صاحبها أن يشرف على كافة أعمالها بنفسه. أما في المؤسسات الفردية التي تكون أعمالها على نطاق أوسع والتي يصعب فيها على صاحبها أن يتولى ويشرف على كافة أعمالها يعين مساعدين له ويخولهم بعض السلطات. فهو يصدر الأوامر إليهم وهم, أي المساعدون, يكونون مسؤولين مباشرة أمامه بمقدار سلطاتهم وهؤلاء المساعدون يصدرون هذه الأوامر إلى من هم تحتهم من موظفين وعمال, ويخول كل مساعد موظفيه وعماله ببعض السلطات الواجبة لإنجاز أعمالهم وهم, أي العمال والموظفين, يكونوا مسؤولين أمام هذا المساعد مباشرة. و يمكن توضيح هذا بالتخطيط الآتي:

مدير المؤسسة و صاحبها




مساعد ( أ ) مساعد (ب) مساعد (جـ)



موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف

إن الأسهم المؤشرة إلى الأسفل بهذا الشكل ( ) تبين الطريق الذي تمر منه الأوامر. ففي التخطيط السابق تمر الأوامر من مدير المؤسسة إلى مساعديه وهؤلاء ينقلونها إلى موظفيهم.

أما الأسهم المؤشرة إلى أعلى ( ) فهي توضح اتجاه المسؤولية. فالموظفين في الجانب الأيمن من التخطيط مسؤولون أمام المساعد (أ). والموظفين الموجودون في الجانب الأيسر من التخطيط مسؤولون أمام المساعد (جـ). وكذلك الحال بالنسبة للموظفين في وسط التخطيط، فهم مسؤولون أمام المساعد (ب). وكل من المساعد (أ، ب، جـ) مسؤول أمام المدير العـــــام.

ويمكن أن يستخدم هذا النظام في المؤسسات ذات الأقـسام المتعـددة باتباع نفس الأسس. فلو فرضنا أن مؤسسة كبيرة فيها أقسام مختلفة مثل قسم المشتريات وقسم المبيعات وقسم المحاسبة وغيرها من الأقسام الأخرى. ففي هذه الحالة تكون الإدارة العليا إذا كانت المؤسسة فردية بيد صاحب المؤسسة حيث هو المدير العام ويكون لكل قسم مديره الخاص. فمدير المشتريات ومدير المبيعات ومدير المحاسبة يستلم الأوامر من المدير العام وكل منهم مسؤول أمامه في حدود سلطته. وغالبا ما يكون لكل مدير عدد من الملاحظين والموظفين, وكل مدير يصدر الأوامر إلى ملاحظ موظفين في قسمه, وملاحظ الموظفين يصدر الأوامر إلى الموظفين, والموظفون مسؤولون أمام ملاحظيهم في القسم, والملاحظون مسؤولون أمام رئيسهم, وكافة الرؤساء مسؤولون أمام المدير العام. و نوضح ذلك بالتخطيط الآتي:
المدير العام



مدير إدارة المبيعات مدير إدارة المحاسبة


ملاحظ ملاحظ ملاحظ ملاحظ ملاحظ ملاحظ



موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف



مدير إدارة المشتريات

ملاحظ ملاحظ ملاحظ



موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف موظف

مزايا التنظيم الرأسي
1. يمتاز هذا النوع من التنظيم بسهولته وبساطته.
2. ويمتاز أيضا بكونه يحدد سلطة ومسؤولية كل فرد أو جماعة من الأفراد تحديداً واضحاً.
3. وهو أيضاً يوحد الإدارة و يوضح اتجاه الأوامر والمسؤوليات، حيث أن الأوامر تتجه من أعلى, أي من في المرتبة الأولى متدرجة إلى الأسفل مارة بالذين بعدهم حسب رتبهم أولاً بأول إلى من هم في آخر الرتب، وهؤلاء في آخر الرتب مسؤولون أمام من هم فوقهم، ومن فوقهم مسؤولون أمام من هم أعلى منهم وهكذا.
4. ويمتاز بسهولة اكتشاف الخطأ والإهمال ومعرفة المسؤول.
5. و يتميز بكونه يتفق مع الأعمال التي تتطلب سرعة في التنفيذ, إذ أن كل قرار يصدر من الإدارة العليا يجب أن ينفذ ممن هم تحتها كل حسب اختصاصه دون أن يمانع أو يجادل فيه.
6. ومن مزاياه المرونة, إذ إنه يتقبل كل توسع يطرأ على المؤسسة, حيث يمكن إضافة أقسام جديدة إلى المشروع وتوسيع كل قسم دون الحاجة إلى تغيير طريقة التنظيم.
7. كل شخص في المشروع الذي يتبع هذا النوع من التنظيم يعرف ما هو العمل الذي يلي عمله وهو يعلم أنه عندما يرقى سوف يعهد إليه هذا العمل الذي يلي عمله, ولذلك فهو يحاول أن يتعلم كل شيء عنه, فإذا جاء دوره في الترقية سيستلم العمل الجديد وهو يعرف كافة متطلباته.

مساوئ التنظيم الرأسي
1. الدكتاتورية, حيث أن من يتحكم في أمور المشروع هي الإدارة العليا, وذلك لأن قراراتها يجب أن تنفذ من غير أن تحصل على موافقة من لهم رأي في الموضوع من صغار الموظفين.
2. أن التنظيم الصحيح, والذي تسير عليه أكثر المشاريع, هو أن تكون قرارات الإدارة مبنية على ما يقدم من اقتراحات وآراء من موظفي المؤسسة أو من جماعة مختصة بمثل هذه المواضيع تستخدم لغرض أخذ رأيها كل حسب اختصاصه, والتنظيم الرأسي يفتقر إلى ذلك.
3. لا يستفيد هذا النوع من التنظيم من فوائد التخصص, حيث أن الإدارة هي التي تقرر كل ما يتعلق بأمور المؤسسة.

التنظيم التخصصي أو الوظيفي
إن أول من ادخل هذا النوع من التنظيم هو فردريك تايلر، وذلك لما كان يفتقر إليه التنظيم الرأسي من تخصص في الأعمال. إلا أن طريقة تايلر لم تستخدم في المجال العملي في أكثرية المشاريع لما لها من عيوب كثيرة، إلا انه استفيد منها في الطريقة التالية، وهي طريقة التنظيم الاستشاري.

والمقصود بالتنظيم الوظيفي، هو أن يعين عدة أشخاص يتولون الإشراف على أعمال مختلفة داخل قسم واحد، على أن يكون كل منهم مختصاً في العمل الذي يتولاه. فقد يعين مثلاً شخص يشرف على سرعة العمل، أي الوقت المقدر لإنجازه، ويعين شخص آخر يتولى الإشراف على دقة الأداء، وآخر يشرف على التطوير، لذا فانه أي العامل، قد يكون خاضعاً لإشراف أكثر من رئس واحد. وبالتالي فهو، أي العامل، يتلقى التعليمات من أشخاص مختلفين. وعليه فالعامل يكون مسؤولاً أمام كل هؤلاء الرؤساء الذين يشرفون عليه ويوجهون إليه التعليمات كل حسب اختصاصه. والشكل الآتي يوضح هذا النوع من التنظيم:




مدير قسم الإنتاج



المراقب العام





المسؤول عن التطوير
المسؤول عن ثقة الأداء
المسؤول عن سرعة العمل









موظف موظف موظف موظف

مزايا التنظيم الوظيفي
1. عندما يعين شخص ليشرف ويكون مسؤولاً عن عمل واحد أينما وجد في المؤسسة معناه أن هذا الشخص سيخصص كل وقته وكل قابليته لتوجيه ذلك العمل والإشراف عليه.
2. عندما يعين الشخص ويسأل عن عمل معين يتم تعينه على أساس تمتعه بكفاءة وخبرة بذلك العمل, ومعنى ذلك أن أعمال المشروع سيشرف عليها أشخاص لهم الكفاءة والإطلاع التام بأعمالهم, أي بعبارة أخرى الاستفادة التامة من الخبرة والكفاءة.
3. لو حصل وأن عين شخص لا يتمتع بالخبرة والكفاءة التامتين في العمل الذي يشرف عليه, فإن تفرغه لذلك العمل بالذات سيساعده على إتقانه والتخصص فيه بمرور المدة.





مساوئ التنظيم الوظيفي
1. لا يمكن تحديد المسؤولية تحديداً واضحاً, وذلك لأن كل موظف في كل قسم من أقسام المؤسسة يستلم الأوامر من أشخاص متعددين وقد تتضارب هذه الأوامر وتعيق العمل. إن عدم تحديد المسؤولية تحديداً جلياً معناه فقدان السيطرة على المشروع, ولذلك فإن هذا النوع من التنظيم غير مرغوب فيه.
2. بما أن الموظف مسؤول أمام أكثر من رئيس فهو عليه أن يرضيهم جميعاً, وقد لا يوفق في ذلك. فإذا حصل وأن غضب أحد رؤسائه عليه فهذا قد يحرمه من الترفيعات والمكافآت إن لم يؤدي ذلك إلى فصله.

التنظيم الاستشاري
تلافياً للنقص الموجود في كل من الطريقتين السابقتين التجأ إلى هذه الطريقة وهي التنظيم الاستشاري. ففي طريقة التنظيم الرأسي وجدنا أن أهم نقص فيها هو انعدام التخصص وتحكم الإدارة في أمور المشروع. وفي طريقة التنظيم التخصصي لاحظنا أن أهم عيب فيها هو تضارب الأوامر مما يجعل صعوبة تحديد المسؤولية.

أما في التنظيم الاستشاري, فقد جمعت أهم مزايا الطريقة الأولى وهي تحديد المسؤولية تحديداً واضحاً, وأهم مزايا الطريقة الثانية وهي الاستفادة ممن له اختصاص في المواضيع المهمة الخاصة بالمشروع.

والتنظيم الاستشاري هو عبارة عن التنظيم الرأسي الذي شرحناه مضافاً إليه تعيين خبراء يرسمون الخطط المتعلقة بأعمال المشروع كل حسب اختصاصه ويقدمونها إلى الإدارة مع اقتراحاتهم.

وهؤلاء الخبراء الأخصائيون إما أن يعينوا على أساس القيام بأعمالهم لوحدهم أو قد يساعدهم عدد قليل من الأشخاص أو قد يرأسون شعب كاملة كل منها تقوم بالعمل الخاص بها. و قد يحتاج المشروع إلى أخصائيين, سواء كانوا لوحدهم أو مع مساعدين لهم في مواضيع مختلفة, كأن يستخدم أخصائيين في أمور الموظفين, حيث يأخذون على عاتقهم كل ما يهم الموظف من أول يوم يقابل فيه لاستخدامه وما يتبع ذلك من الخدمات تقدم للترفيه.

فعدد الأخصائيين وأنواعهم الذين يستخدمون في المشروع يتوقف على حجم المشروع وطبيعة عمله. والمهم في الأمر أن هؤلاء الخبراء مهمتهم التوجيه عن طريق إبداء الرأي والاقتراح وجلب انتباه الإدارة إلى الأمور المهمة دون أن تعطى لهم أي سلطة فهم ليس من حقهم إصدار الأوامر, وفي الوقت نفسه لا يجب على الإدارة أن تأخذ بكل اقتراح يقدمونه لها.
وبموجب هذه الطريقة تقسم الأعمال إلى إدارية وفنية. فالأعمال الإدارية يقوم بها كافة موظفي المؤسسة والذين يتمتعون بإصدار الأوامر كل حسب اختصاصه. أما الفنية فهي من واجبات الخبراء والذين لا يعطون الأوامر إنما يقدمون الاقتراحات والإرشادات.

تعتبر طريقة التنظيم الاستشاري من أحسن طرق التنظيم وهي في الواقع أكثرها شيوعاً واستعمالاً.

مزايا التنظيم الاستشاري
1. تحديد سلطات كل فرد أو مجموعة من الأفراد ومعرفة مسؤوليتهم.
2. إن كافة القرارات التي تصدرها الإدارة مبنية على اقتراحات الخبراء وبذلك تكون مبنية على أساس علمي صحيح.

مساوئ التنظيم الاستشاري
إن مهمة الخبراء هي تقديم الاقتراحات دون أن تلتزم بها الإدارة, وقد تتمرد الإدارة لسبب ما فتهمل اقتراحات هؤلاء الخبراء, وبالتالي تنعدم أهميتهم وفائدتهم, فيفقد عندئذ هذا النظام أهم خاصية من خصائصه ألا وهي عنصر التخصيص.
* مبادئ الإدارة والتنظيم, نعمة الشكرجي, بغداد, 1961.

الإنترنت.. ثورة الفقراء في عصر التواصل



الإنترنت.. ثورة الفقراء في عصر التواصل
محمد بن المختار الشنقيطي
البناء التنظيميالعمل الإعلاميالنضال السياسي
في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 1969 بدأ علماء من جامعة كاليفورنيا الأميركية تجربة علمية مثيرة، لم يكن القائمون عليها يتصورون النتائج الباهرة التي ستثمرها، والأثر العميق الذي ستتركه على مسيرة التاريخ الإنساني. كانت التجربة العلمية محاولة لربط جهاز كمبيوتر في مدينة لوس أنجلوس بكومبيوتر آخر في مدينة منلو بارك بخط هاتفي، بحيث يستطيع الجهازان العمل معا في شكل نظام اتصال مغلق.
ولم تكن غاية أولئك العلماء الأميركيين بالطبع تسهيل مهمات الحركات الثورية في العالم الثالث، ولا توفير وسائل اتصال سريعة وإعلام حر وفعال لدعاة الإصلاح والتغيير في العالم العربي والإسلامي، وإنما كان هدفهم إبقاء أنظمة الصواريخ النووية الأميركية فعالة، حتى بعد تعطل جزء منها في حرب مدمرة.
لكن ثورة الاتصال التي أحدثها الإنترنت غدت اليوم من أهم الوسائل التي تستعملها القوى السياسية المستنيرة لتحرير الشعوب من الاستبداد والظلم السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ونشير هنا إلى بعض الإمكانات الجديدة التي يوفرها الإنترنت لهذه القوى في سعيها لبناء مجتمع العدل والحرية، خصوصا في مجالات البناء التنظيمي، والعمل الإعلامي، والنضال السياسي.
"مبدأ "الهرمية" في التنظيمات التقليدية كان يهدف في الأساس إلى التقليل من تكاليف الاتصال، والقدرة على التحكم والسيطرة والتنسيق، وقد وفرت ثورة الإنترنت هذه الفوائد دون حاجة إلى الهرمية التنظيمية"
البناء التنظيميلقد أثر الإنترنت على الفكر الإداري والتنظيمي تأثيرا عميقا، وأنتج مفاهيم جديدة حول أسس التنظيمات من حيث البنية، والقيادة، والسيطرة، والاتصال، والتكيف، والاستفادة من مواهب الجميع.. وغيرت هذه المعطيات الجديدة من أساس الفكرة التي انبنى عليها مبدأ "الهرمية" في التنظيمات التقليدية.
فالهرمية كانت تهدف في الأساس إلى التقليل من تكاليف الاتصال، والقدرة على التحكم والسيطرة والتنسيق، وقد وفرت ثورة الإنترنت هذه الفوائد دون حاجة إلى الهرمية التنظيمية -بمعناها القديم على الأقل- بل مع اعتماد الشكل الانسيابي من التنظيمات.
كما منحت هذه الإمكانات فرصا للتنظيمات السياسية للتقدم خطوات في خبرتها وأدائها على أجهزة الدول القمعية، التي لا تزال رهينة لتقاليد الهرمية القديمة، وهي تقاليد لا يستطيع الحكام المستبدون التحرر منها، بسبب طبيعة حكمهم المتوجس من شعوبهم، وحتى من أجهزتهم التي تحميهم.
ولا يعني ذلك بحال القول بأن نظام الهرمية سيختفي في التنظيمات السياسية نهائيا مع ثورة الإنترنت، فهذه التنظيمات لا تستغني بطبيعتها عن شيء من الهرمية، إذ هي مشروع دولة مستقبلية، لكن هرميتها في عصر الإنترنت ينبغي أن تعاد صياغتها في إطار جديد مختلف عن السابق.
أما الشكل التنظيمي الخالي من القيادة نهائيا، فهو لا يناسب الحركات السياسية في الظروف العادية، وقد يناسب حركات التحرير والمقاومة في بعض الظروف.
إن اختزال الزمان والمكان الذي نتج عن الإنترنت يمكِّن الحركات السياسية من تجاوز القيود الزمانية والمكانية التي كانت تقيدها في الماضي، وإعادة صياغة هيكلها التنظيمي بطرق مختلفة عن الشكل الهرمي التقليدي.
أما تجاوز قيود الزمان فيتمثل في سرعة التنسيق والمتابعة، ووصول المعلومات وإيصالها.
وأما تجاوز قيود المكان فيتمثل في إمكانية بناء تنظيم فعال يدير أعماله بسرعة وفاعلية مع وجود أعضائه -بل وقادته- في أماكن متباينة، وبلدان شتى.
ومن خصائص البناء التنظيمي في عصر الإنترنت:
- المرونة والعلاقات الداخلية الطليقة التي تنبني على مبدإ التنسيق العام، لا التبعية الإدارية الصارمة.
- اللامركزية في المسؤوليات، وتفويض الكثير من الصلاحيات للهيئات الدنيا في الهيكل التنظيمي.
- انحصار دور القيادة العامة في التنسيق والدعم والتخطيط الإستراتيجي، دون إملاء للقرارات التكتيكية.
- سيادة العلاقات الجانبية المتوازية بين مكونات التنظيم الداخلية، بديلا عن العلاقات الرأسية الهرمية.
- تبدل الشكل التنظيمي حسب الحاجات العملية، دون الخضوع لبيروقراطية ثابتة أو هيكلية جامدة.
ويمكن إحصاء عدد من الفوائد المترتبة على وجود تنظيمات سياسية مرنة من النوع الذي أوضحنا خصائصه أعلاه، ومن هذه الفوائد:
1- أن التنظيم السياسي سيكون منفتحا على المجتمع متفاعلا معه، وليس بنية متميزة عنه، وبقدر ما يرتبط عضو الحزب أو الحركة السياسية بقيادته برباط الفكرة والتنسيق، بقدر ما يجد هامشا كبيرا للتواصل مع مجتمعه المحيط، وتبليغ رسالته إليه، أو أدائها فيه، حسب نوعية العمل الذي هو مسؤول عنه.
2- تجنيب القوى السياسية الساعية إلى الإصلاح والتغيير مساوئ المركزية التي تؤدي إلى عزلتها عن المجتمع وانكفائها على ذاتها، ذلك الانكفاء الذي يؤدي إلى قصور في مجالات حيوية مهمة، مثل الاحتماء السياسي بالمجتمع، والتعبئة الفكرية والسياسية المنسابة.
3- عدم انحصار حركة الإصلاح والتغيير في حيز جغرافي ضيق "دولة واحدة مثلا" مما يجنبها مخاطر كبيرة في حالة حدوث مواجهة سياسية، أو حملة قمعية ضد أعضائها، فالانحصار في بلد واحد يمكِّن السلطة القمعية في ذلك البلد من استئصال حركة التغيير أو ضربها ضربات قاتلة.
4- منح حركات التغيير فرصة لإسماع صوتها في أكثر من بلد، والضغط السياسي على السلطة المستبدة من خلال أصواتها في الخارج، وهو أمر لا تخفى قيمته في عصر التداخل الدولي الراهن، وتأثير وسائل الإعلام العابرة للقارات على القضايا المحلية.
5- تمكين التنظيم السياسي من العمل في كل بلد حسب خصوصياته السياسية والقانونية، وتوظيف الاختلافات بين البلدان والحكومات المختلفة لصالح أهدافه، فالنضال الإعلامي يتولاه المقيمون في بلاد تتوفر فيها حرية التعبير مثلا، والعمل الاجتماعي تتولاه قوى الداخل .. وهكذا.
6- تمكين التنظيم السياسي من تغيير تكتيكاته بسرعة قياسية، وبناء هيئات وهياكل تنظيمية لأهداف مؤقتة، ثم حلها فور تحقق تلك الأهداف، دون الحاجة إلى بناء تنظيمي جامد، وهذه المرونة الهيكلية تحْرم قوى القمع من قراءة تاريخ التنظيم بشكل يمكِّنها من الإضرار به.
7- قدرة التنظيم السياسي على امتصاص الضربات القمعية، فالتنظيمات ذات البناء الهرمي الصارم تصاب بتصدع بعد كل ضربة، وقد تنهار نهائيا، بينما تمتاز التنظيمات غير الهرمية بالقدرة على امتصاص الضربة وعزلها، والتعافي من آثارها بسرعة، لأن العلاقات فيها عضوية لا ميكانيكية، جانبية لا رأسية.
وإذا كان الوجود المادي للأعضاء أو القادة في مكان واحد لم يعد ضروريا لبناء تنظيم سياسي ناجح -بتأثير من ثورة الاتصال الناتجة عن الإنترنت- فإن المتابعة المادية والضبط الإداري المادي لم يعودا بنفس الدرجة من الأهمية كذلك، بل أصبح الاشتراك في المبادئ والأهداف، ودوام التشاور والتنسيق بين وحدات مستقلة إداريا وتكتيكيا كافيين إلى حد بعيد.
فالمركزية التنظيمية يغني عنها الانسجام الفكري، والتقارب في المكان تغني عنه سرعة الاتصال ومرونته.
والتنظيم السياسي الناجح في عصر الإنترنت هو ذلك الذي يتبنى معادلة التوجيه الإستراتيجي والاستقلال التكتيكي، ويرجح التنسيق الأفقي على الهيمنة العمودية، فيحرص على وضوح المبادئ والأهداف والإستراتيجية المتبعة في أذهان الأعضاء، لكنه يسمح لهم بقدر كبير من الاستقلالية في التكتيك والأمور العملية.
إن الأشكال الجديدة من التنظيم والاتصال التي يساعد الإنترنت على تطبيقها تجعل قوى الإصلاح والتغيير حاضرة غائبة في نفس الوقت، فهي موجودة في كل مكان من حيث قدرتها على إسماع صوتها للجميع، والضغط على السلطة المستبدة أينما كانت.. وهي غائبة من حيث أنها لا يمكن حشرها في زاوية ضيقة ولا يمكن استئصالها، لأن بنيتها المرنة وعوائق الجغرافيا السياسية تحميها.
"ظهور الإعلام الإلكتروني إيذان ببداية تحرر الإنسان من أجهزة التوجيه الإعلامي التي تسيطر على عقله، وهو تحرر مزدوج يشمل حرية الإرسال، وحرية الاستقبال "
العمل الإعلاميلقد أضعف الإنترنت بيروقراطية الدولة لصالح القوى السياسية وهيئات المجتمع المدني، من خلال قضائه على احتكار المعلومات، وضمانه لانسيابها بحرية لا يمكن التحكم فيها.
فظهور الإعلام الإلكتروني إيذان ببداية تحرر الإنسان من أجهزة التوجيه الإعلامي التي تسيطر على عقله، وهو تحرر مزدوج يشمل حرية الإرسال، وحرية الاستقبال. ومن مظاهر هذه الثورة الإعلامية الجديدة:
- تسهيل الحصول على المعلومات وهي لا تزال طرية من مصادرها المباشرة، فبمجرد نقرة على شاشة الكمبيوتر ينتقل القارئ من موقع إلى موقع أينما أراد على وجه الأرض، ويقرأ عن أي موضوع يشاء بأي لغة يفهم، دون مصادرة أو قيود.
- تسهيل إيصال المعلومات إلى الجمهور دون تحكم من الحكام المستبدين أو رجال المال المحتكرين لملكية وسائل الإعلام، وتوفير المعلومات الصحيحة هو أول خطوات التغيير، وقد كان احتكار أهل السلطة والثروة للمعلومات في الماضي من أهم الوسائل التي يحتمون بها.
- التمكن من إيصال الرسالة الإعلامية بالشكل الذي يريده المرسل، دون تدخل موجه من أباطرة الإعلام، الذين اعتادوا التصرف في المعلومات التي تصلهم وصياغتها وإخراجها بالطريقة التي تخدمهم، على حساب المرسل الأصلي ورسالته، بل قد يقدّمون الرسالة بصورة تخدم نقيض ما أراد مرسلها.
- رخص ثمن الاتصالات، بل ومجانيتها في أغلب الأحوال، مما يجعلها متاحة للجميع، ولا مجال لاحتكارها من طرف الحكومات القمعية أو الشركات الاحتكارية. ومن فوائد رخص ثمن الاتصالات إشراك عامة الناس في المعلومات، وتلك هي الخطوة الأولى لاتخاذ الموقف السياسي الرشيد.
"يعطي الإعلام الإلكتروني القارئ فرصة اطلاع أكبر من الناحية الكمية، ففي جلسة واحدة أمام الكمبيوتر يستطيع القارئ أن يطالع عشرات المصادر الإعلامية، من جميع أرجاء العالم، ودون تكلفة مالية تذكر"
ورغم أن الحكام الدكتاتوريين يميلون إلى التضييق على تكنولوجيا الاتصال الحديثة مثل الإنترنت، خوفا من انفلات الأمور من قبضتهم، فقد بدأ الإعلام الإلكتروني يقضي على إعلام الورق "الصحف" وبدأ يضايق إعلام الصورة "التلفزيون" وهو مرشح للسيادة في المستقبل، بسبب الميزات العديدة التي يمتاز بها على الإعلام الاحتكاري التقليدي، ومن هذه الميزات:
1- أن الإعلام الإلكتروني يعطي القارئ فرصة اطلاع أكبر من الناحية الكمية، ففي جلسة واحدة أمام الكمبيوتر يستطيع القارئ أن يطالع عشرات المصادر الإعلامية، من جميع أرجاء العالم، ودون تكلفة مالية تذكر، وهو أمر غير ممكن عمليا من حيث الوقت ومن حيث الكلفة، في التعامل مع الإعلام التقليدي.
2- أنه يعطي القارئ حرية الانتقاء والمقارنة، من خلال الاطلاع السريع على العديد من المصادر المختلفة الرؤى والخلفيات، واستخلاص النتيجة التي يراها أقرب إلى الحقيقة، دون أن يظل أسيرا لرؤية مخصوصة، ولا تخفى قيمة ذلك في تحرير إرادة المتلقي في تعاطيه مع الوسيلة الإعلامية.
3- أنه يمكِّن من القراءة المتخصصة، فلم يعد من اللازم استنزاف الوقت والجهد في تصفح الصحف بحثا عن موضوع معين، أو انتظار برنامج مخصوص في إحدى القنوات التلفزيونية، بل أصبح الإنترنت، بوسائل البحث في مادته، يمكنك من الاطلاع على الموضوع الذي تريد في الوقت الذي تريد.
4- أنه يوصل الرسالة الإعلامية إلى مدى عالمي، ويتجاوز القيود التقليدية التي تقيد التلفزيون والصحافة المطبوعة، فهذه تحدها حدود "المكان" فلا يتجاوز بعضها مساحة معينة من البسيطة، كما تحدها حدود "الإمكان" فلا يستطيع الجميع الوصول إليها لأنها غير مجانية، بخلاف الإنترنت فلا تحده حدود المكان، وهو مجاني أو شبه مجاني في العادة.
"تغير مفهوم التظاهر والاحتجاج بعد ظهور الإنترنت، فلم يعد بالضرورة ذلك الحشد البشري المادي المثير للصخب المؤدي إلى الشغب وربما إلى التخريب والقتل، وإنما حلت محله أمواج الرسائل الاحتجاجية أو التأييدية التي ترد عبر الإنترنت "
النضال السياسيوفر الإنترنت لحركات الإصلاح والتغيير إمكانات جديدة في مجال النضال السياسي، لم تكن موجودة من قبل، منها:
- تسهيل سرعة الاستجابة للأحداث السياسية، والرد السريع على التحديات في سرعة قياسية، فلم يعد الأمر يحتاج إلى سيارات تحمل أبواقا وتجول في المدن لدعوة الناس إلى مسيرة، أو إنفاق مبالغ طائلة لترويج حدث سياسي في وسائل الإعلام التجارية، بل أصبح الأمر مجرد تحرير رسالة تعبئة واستنفار، وإرسالها إلى العناوين الإلكترونية لآلاف الناس في لحظة واحدة، أو نشرها على مواقع معينة في الشبكة الإلكترونية ليطلع عليها الآلاف، فيستجيبون للنداء.
- تشويش أفكار الحكومات القمعية وخلخلة إستراتيجيتها من خلال الحشد المتوازي، المتعدد الرؤوس والمنابع، بحيث لا تستطيع القوى القمعية أن تحدد هدفها بدقة، أو تصوغ تكتيكا فعالا للقضاء عليه، بل لا تستطيع أن تحدد بدقة من يقف وراء الاحتجاجات الاجتماعية، مما يحول بينها وبين القدرة على عزله عن المجتمع. وهذا التشويش الفكري والإستراتيجي في أذهان القوى القمعية يشل تحركها، ويقضي على فاعلية ردها، ويختلف الأمر لو كان واضحا للسلطة أن وراء الاحتجاجات حزبا أو منظمة أو حركة مخصوصة، يسهُل حشرها في زاوية ضيقة.
- تغير مفهوم التظاهر والاحتجاج بعد وجود الإنترنت، فلم يعد بالضرورة ذلك الحشد البشري المادي، المثير للصخب، المؤدي إلى الشغب، وربما إلى التخريب والقتل، وإنما أصبحت أمواج الرسائل الاحتجاجية أو التأييدية التي ترد عبر الإنترنت تعوض الاحتشاد المادي في مكان واحد، إذا رأى أهل القضية أن يتفادوا المواجهة المباشرة مع القوى القمعية، أو اجتناب الآثار السلبية والثمن الباهظ للاحتشاد المادي. وقد برهنت العرائض الإلكترونية التي يوقعها آلاف -أو ملايين- الناس على أنها أداة سياسية فعالة، تغني أحيانا عن المظاهرات الحاشدة.
- حول الإنترنت تظاهرات الاحتجاج والتأييد من نشاط محلي إلى ظاهرة عالمية، حيث تتوارد الرسائل من جميع أرجاء العالم لتأييد موقف سياسي معين، أو للاحتجاج على آخر.
ففي عام 2001 وقع مائة ألف شخص من مختلف الأوطان والأديان -خلال أيام معدودة- مذكرة مرفوعة إلى مندوبية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عبر الإنترنت، تطالب بمحاكمة أرييل شارون بجرائم الحرب التي ارتكبها عام 1982 إبان الغزو الإسرائيلي لبيروت.
"حول الإنترنت تظاهرات الاحتجاج والتأييد من نشاط محلي إلى ظاهرة عالمية، حيث تتوارد الرسائل من جميع أرجاء العالم لتأييد موقف سياسي معين، أو للاحتجاج على آخر"
وهذه الصيغة الجديدة للاحتجاج والتظاهر ثمرة من ثمرات الإنترنت، وتعبير عن الإمكانات السياسية التي يوفرها، وقد دعاها بعض الباحثين "الديمقراطية الإلكترونية" و "المجتمع المدني العالمي".
- إن الخبرة والتسهيلات الجديدة التي وفرها الإنترنت في مجال التنظيم والاتصال والإعلام غيرت المعادلة القديمة التي كانت تضطر قوى التغيير إلى الاعتماد على دعم دول أخرى في نضالها السياسي، كما كان الحال في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين.
فقد كانت قوى التغيير تحتاج إلى دعم دول معينة في مجال الاتصال والإعلام والتأمين "حمل جوازات سفر الدول المساندة، والحديث عبر وسائل إعلامها، واستخدام الحقائب الدبلوماسية التابعة لسفاراتها ..إلخ"، لكن الإنترنت جعل التنظيمات السياسية في غنًى عن كل ذلك، فحررها من ثمن الدعم الخارجي الذي كثيرا ما يتضارب مع أهداف حركات التغيير ورسالتها.
لقد أفاد الإنترنت حركات التغيير الديمقراطي في العديد من دول العالم، ومن أشهر الأمثلة على ذلك، ثورة الطلاب الصرب ضد مجرم الحرب سلوبودان ميلوسوفيتش الذي كان يقود بلادهم، فقد كان لطلاب جامعة بلغراد أعظم الدور في إشعال الثورة ضد "ميلوسوفيتش"، وكان الإنترنت أعظم وسيلة لهم في الاتصال والإعلام والتعبئة، حتى لقد دعوا ثورتهم "ثورة الإنترنت".
لذا فإن حركات الإصلاح والتغيير في عالمنا العربي والإسلامي مدعوة اليوم إلى الاستفادة من ثورة الإنترنت إلى أقصى الحدود، في مجالات التنظيم والإدارة والاتصال والإعلام والنضال السياسي.. وغير ذلك من جوانب معترك الحياة، فهل نستوعب المدلول التاريخي لثورة الإنترنت؟ ــــــــــــــكاتب موريتاني
المصدر:
الجزيرة

النظرية البيروقراطية بين الجذور الكلاسيكية ورؤى المعدلين


اكرم سالم الحوار المتمدن - العدد: 1994 - 2007 / 8 / 1 4.8 / 5 Rate this article More from same author -->مقدمة:البيروقراطية احدى الظواهر التنظيمية التي نشأت في خضم الثورة الصناعية بأوربا ، لتثير الجدل بشأن قدرتها على تحقيق الاهداف الاساسية للمنظمة . وقد تعرضت لنقد شديد من العديد من مفكري الادارة في ما يتعلق بجوانبها السلبية في قيادة المنظمة نحو بلوغ اهدافها ، اضافة الى تعرض مصطلح البيروقراطية الى تقولات واسعة انطلاقا من مفاهيم شائعة مشوهة حتى ظن عامة الناس ان المنظمة البيروقراطية هي المنظمة المتسمة بالروتين وعدم المرونة والمعاملة اللاأنسانية ، الا ان ذلك يتنافى مع حقيقة البيروقراطية التي اسهمت بفاعلية في تطوير الفكر والممارسة التنظيمية وشكلت اضافة عظيمة للحركة الادارية العلمية وبخاصة خلال المراحل الاولى للثورة الصناعية وما رافقها من منافسة وعدم استقرار . أصلها وبداياتها :---------------- اشتق مصطلح البيروقراطية من مقطعين هما ( بيرو Bureau) بالفرنسية ويعني المكتب ، والاخر ( قراطية Cracy ) باليونانية وتعني حكم ، اي انها حكم المكتب وفقا لذلك . وانها التمسك بحرفية القواعد والتعليمات والاسس بما قد يؤدي الى الابتعاد عن الجوهر ويمنع التصدي للمشاكل ومهمة ايجاد الحلول لها . ( د. بشير عباس العلاق 1981 ص 90 )ويعد عالم الاجتماع الالماني ماكس فيبر 1864 – 1920 ) ) اول من استخدمه في بدايات القرن الماضي وقد هدف من خلاله الى وصف المنظمة المثالية التي تتميز بالرشد التام وتحقق اقصى الكفاءة بعملياتها (Stephen P . Robbins P. 309 ) واهتمامات فيبر الاساسية تتجلى بدراسة المنظمات من خلال توحيد خصائص الكيان البيروقراطي ووصف نموها واسباب ذلك ، وعزل المتغيرات الاجتماعية والنفسية التي تزامن انشطتها ، مع اكتشاف العواقب التنظيمية لبلوغ النتائج . وقد قام فيبر من خلال نموذجه بطرح العقلانية او آلية الرشد للتنظيم البيروقراطي كحل للتعقيدات المتلاحقة التي تواجه المنظمة . March & ( Simon 1958 P. 36 )خصائص البيروقراطية :_______________ يقوم النموذج البيروقراطي في رأي ماكس فيبر على الافتراضات و الخصائص الاتية :1 – تقسيم العمل والتخصص الوظيفي وتوزيع الاعمال على الموظفين بصورة رسمية وبأسلوب ثابت مستقر .2 - وضوح خطوط السلطة عن طريق التسلسل الرئاسي وتقسيم التنظيم الى مستويات تتخذ شكلا هرميا Hierarchy تشرف المستويات العليا فيه على انشطة المستويات الدنيا .3 - اتباع نظام الجدارة في تعيين وترقية العاملين ويتابع العاملون مسلكهم الوظيفي في المنظمة حتى النهاية ، واعتبار الادارة مهنة تحتاج للتأهيل والتدريب ، مع سيادة العلاقات الرسمية بعيدا عن العواطف والتحيز .4 - وجود قواعد وتعليمات محددة لسير العمل ، تتصف بالشمول والعمومية .5 - الاهتمام بالتوثيق وتنظيم السجلات وحفظ المستندات .6 - دفع مرتبات وتعويضات عادلة للعاملين .7 - فصل تام بين العمل والحياة الشخصية منعا لأي تداخل وتأثير على الاداء الوظيفي والتنظيمي . P. 310) Stephen P. Robbins 1990 )ويفيد ستيفن روبنس بأن الاهداف يجب ان تكون معلنة وواضحة والتوجهات مرتبة بشكل هرمي مع صلاحية تزداد صعودا للاعلى بهيكل التنظيم ، والصلاحية تكمن في الموقع الوظيفي وليس بالشخص الشاغل له .. ويتساءل روبينس بقوله : هل هذا يتطابق مع البيروقراطيات التي تعرفونها ؟ ويجيب : كلا ، ويضيف : ولكن تذكروا ان فيبر لم يكن يصف منظمة ما ، وانما هو قد وضع الخصائص للنموذج المثالي الذي يحقق اعلى درجة من الكفاءة efficiency او اعلى حالة من الرشد الوظيفي التي تتحقق بالسيطرة او الرقابة على الانسان " الموظف " . وقد توصل فيبر لنموذجه المبني على المعيارية من خلال تحليله لاشكال السلطة وممارستها في المجتمع ، وهي السلطة الكارزماتية التي تستند الى السمات الشخصية لبعض القادة ممن يستطيعون التأثير على اتباعهم بشكل انفعالي عاطفي . والسلطة التقليدية التي تستند الى الاعراف والتقاليد والتي تخول بعض الاشخاص سلطة على الاخرين . والسلطة الشرعية القانونية هي السلطة التي تستند في ممارستها الى التشريعات القانونية ، وما تقدمه الشرعية القانونية من صلاحيات لاشخاص معينين بحكم مناصبهم التي يشغلونها .. واستنادا لذلك فان هذه السلطة القانونية الموصوفة رسميا هي التي يجب ان تسود حسب فيبر لأن السلطتين الاولى والثانية تستندان على العوامل الشخصية والمجتمعية ولا يمكن تأطيرهما او احتكامهما الى اساس المنطق والعقلانية . ويفيد غروس بأن فيبر كان مخظئا بتفكيره في ان الشخصية الكارزمية ليس لها مكان في المنظمة الكبيرة الحديثة .. اذ ان هذه الشخصية القيادية المؤثرة مطلوبة في كل الظروف ، الحروب بشكل خاص وفي الحياة المدنية الاعتيادية ايضا . فمن ينجح في ان يكون قائدا كارازميا فهو شخص غير عادي بالتأكيد أذ انه من اصناف الشخصيات النادرة التي تحرك وتوجه وتشد العاملين واعضاء المنظمة بشكل لا نظير له . ( 252 . (Gross 1964 P تقييم ونقد النظرية البيروقراطية :__________________ لابد من التأكيد على ان فيبر قدم نموذجا مثاليا لاوجود لمنظمة بعينها تتطابق معه كليا كما اعترف فيبر نفسه بذلك . ان الميزة الرئيسية في البيروقراطية تكمن في كفاءتها الفنية ودقتها الكبيرة ، وفي الرقابة العميقة ، واستمراريتها ورصانتها ، وعائداتها المثلى نسبة لمدخلاتها . وكذلك في تصميمها الهيكلي الكفيل بأبعاد اية علاقات شخصية وغير عقلانية .. هذا ما عبر عنه ارجريس 1957 ، ومارج وسيمون 1985 ، ومرتون 1940 . (Handbook of Organizations 1965 P.479 ) ويتركز النقد الرئيسي للنظرية في الاتي :- اهمال الفرد ومعاملته على انه آلة واغفال طبيعته الانسانية والاجتماعية ، مما يؤدي الى حدوث نتائج غير متوقعة تؤدي الى انخفاض الكفاءة . - بعض المباديء البيروقراطية قد تساعد على الاهمال وانخفاض الكفاءة مثل مبدأ الترقية بالاقدمية . - ان التركيز في تطبيق الرقابة والاشراف يؤدي الى زيادة احتمال محاولة الانحراف عن القواعد والمعايير ، الامر الذي يؤدي الى مزيد من الرقابة والاشراف وبالتالي الى المزيد من النتائج غير المتوقعة وفي النهاية يصل التنظيم الى موقف غريب يتصف بانخفاض الكفاءة والمزيد من الرقابة والارباك .- البيروقراطية تعالج التنظيم على انه نظام مغلق وليس نظاما مفتوحا يؤثر في البيئة ويتأثر بها . ( د . علي السلمي 1975 ص 37 )كذلك فان التركيز والالتزام الشديد بالهرمية والرسمية والسلطة جميعها مظاهر تتسم بها البيروقراطية وتؤدي الى الجمود وعدم المرونة .. ان الجمود وعدم المرونة يخالفان طبيعة الحاجات والمشاكل المعاصرة التي تجابهها المنظمات والتي تتسم بالتغير السريع والمفاجآث وبكونها حاجات متجددة ومشاكل غير مسبوقة .. ان ذلك قد يقود الى تخلف المنظمات وقلة كفاءتها وبالتالي موتها وعدم تحقيقها لاهدافها .. ليس هذا فقط بل ان التركيز على العقلانية والالية في الانموذج البيروقراطي يؤدي ايضا الى فشل المنظمات في التعامل مع السلوك الانساني وما ينجم عن ذلك من مشاكل متوقعة . ان الممارسات البيروقراطية في مجالي السلطة والتدرج الهرمي تقود الى ما يسميه عالم الاجتماع الالماني مايكل " بالقانون الحديدي لحكم القلة " الذي ينص على ان البيروقراطية ستؤدي حتما الى تركيز القوة في ايدي قلة من المتربعين على قمة هرم المنظمة . لذلك فان المنظمات البيروقراطية هي منظمات حكم القلة بسبب بنائها الهيكلي .. فالبيروقراطية تعيق الديمقراطية ، والى احتكار السلطة من قبل الادارة العليا مما قد يؤدي الى افساد من يشغلون تلك المناصب القيادية بأستغلالها لاغراضهم الشخصية والتشبث بالموقع . النماذج المعدلة : وقد قدمت نماذج نظرية تستند اساسا الى النموذج المثالي لفيبر ولكن مع مراعاة بعض التعديلات ، لتفادي بعض الانتقادات التي وجهت لفيبر . ومن اشهر هذه النماذج ثلاثة هي نموذج مرتون ، ونموذج سلزنك ، ونموذج كولدنر . 1 - نموذج مرتون 1940 :يعالج هذا النموذج بعض اوجه القصور في نموذج فيبر من خلال طرح ( مطلب الرقابة ) الصادر عن الادارة العليا للتوكيد على السلوك المطلوب .. مما يعكس الحاجة لمساءلة الموظف ، وقد اطلق على الاساليب المستخدمة لتنميط السلوك بالنموذج الآلي للسلوك الانساني . وينشأ من ذلك تقليص حجم العلاقات الشخصية والتحول الى العلاقات المكتبية مع زيادة تقبل العاملين للقواعد الرسمية وتضييق ابواب التصرف .. وهذا يكرس جمود السلوك وانغلاق العاملين وهبوط مستوى الانجاز مما يفضي الى زيادة متاعب المنظمة في التعامل مع الزبائن .. وبذلك يطغى تنميط السلوك والآلية على هدف المنظمة الاساسي المتمثل في خدمة الزبائن ليصبح هدفا بذاته ، فيتجه الموظف الى حرفية القواعد ، ويفضي ذلك الى التوتر في مناخ العمل والمنظمة عموما والى المزيد من العزلة . 2 - نموذج سلزنك 1949 : اكد سلزنك على مبدأ تخويل الصلاحية لتفادي النتائج غير المرغوبة . ففي حين يبتدأ هذا النموذج بمطلب الرقابة فانه يؤدي الى زيادة تخويل الصلاحيات ، لكن التخويل يؤدي الى زيادة التدريب في الاختصاصات ذات العلاقة والى زيادة الفارق بين الاهداف الاساسية وانجازاتها .. وهذا يعني المزيد من التخويل لزيادة الكفاءة والفاعلية ، وهكذا . كما يؤدي الى الاتجاه نحو تجزئة المنظمة واتجاه الموظفين الى اهداف جزئية بصورة اكبر من الولاء للمنظمة الام . كما ان زيادة التدريب المتخصص يزيد من الكلف ، و ان هذه التجزئة تقود الى الصراع بين وحدات المنظمة وينعكس بشكل سلبي على محتوى قرارات المنظمة التي تعتمد تبعا لذلك على الستراتيجيات الداخلية .ان هذا التباعد بين الاهداف العامة والمنجزات يعني تراكم التخويلات في مسعى لتحقيق النتائج المرسومة ولكنه في واقع الأمر يفاقم سوء الانجاز وهكذا تتكرر الدوامة . 3 – نموذج كولدنر 1954 :اهتم كولدنر بمطلب الرقابة وبالنتائج غير المتوقعة للقواعد والمعايير ، ففي حين تعتبر القواعد لازمة لصيانة توازن المنظمة البيروقراطية فأن الاعتماد على الرقابة للمحافظة على التوازن الفرعي يؤدي الى الاخلال بالنظام الاكبر ويولد نتائج مرتجعة سيئة تعود على النظام الفرعي . ويعمل هذا النموذج على كبح علاقات القوة للجماعة من خلال الرقابة واجراءاتها التنظيميمة . وميل الجماعة لقبول سلطة الاشراف مما يقلل الاحتكاك والتوتر وتدعيم القواعد الرسمية . كذلك فان القواعدية والتنميط تتجه الى الحدود الدنيا من الاداء المرسوم وهو يعني انخفاض الانجاز الفعلي ، فالقواعد بتحديدها للحد الادنى من الاداء توسع من معرفة الاعضاء بها والهبوط السلوكي اليها ، مما يفاقم الفوارق بين الاهداف والمنجزات ويقود للفشل وعدم توازن المنظمة ، الامر الذي يدفع الادارةالعليا الى مزيد من الدقة والاحكام والاشراف في اطار " النموذج الآلي " وبروز علاقات القوة والى رفع مستوى التوتر في بيئةالعمل والى تجدد الخلل العام . March & Simon 1985 P. 37- 46 ) ( خاتمة :____ ان الجهاز الهرمي والمدخل البيروقراطي الذي تطور خلال الثورة الصناعية بقي المدخل الاساسي لتصميم المنظمة وتيسير وظائفها حتى السبعينات والثمانينات ، وعموما فأن هذا المدخل قد عمل جيدا في غالبية المنظمات حتى الى ما قبل بضعة عقود . وخلال الثمانينات اخذ يقع في المشاكل . وان المنافسة المتزايدة وخصوصا على الصعيد العالمي قد غيرت مسرح اللعبة . ان شركات اميركية عديدة قد ارهقت بترهلات ادارية وتضخم الكادر ، اذ ان المنافسة العالمية من قبل اوربا واليابات دفع نحو اليقظة العارمة ، وعلى سبيل المثال فأن اكسيروكس اكتشف انه استخدم 1.3 من النفقات الفوقية overhead من ( العمال ) لكل عامل فعلي ، بينما الشركات اليابانية تحتاج الى فقط o.6 من النفقات الفوقية overhead من ( العمال ) لكل عامل فعلي . وفي اعوام الثمانينات فان الشركات الاميركية كان عليها ان تجد طريقة افضل . شركة AT& T فصلت ثلاثين الف مدير خلال الثمانينات . ان انصهار Gulf & Chevron قاد الى الاستغناء عن 18000 موظف اكثرهم من المدراء . ان الثمانينات انتجت ثقافة جديدة ترمي الى ترشيق هيئة الموظفين ، والى المرونة والاستجابة السريعة الى الزبون ، من خلال موظفين نشطين يعتنون بالزبائن ، ونوعية الجودة .. ان العالم اخذ يتغير بسرعة بسبب تبدل حدود المنظمات ، بتأثير موجة الدمج العالمية ، وتأثير المنافسة . Richard L. Daft 2001 P. 290 – 291