Powered By Blogger

الثلاثاء، 7 أبريل 2009

البيروقراطية وعملية صنع السياسة العامة فى اليابان

يشير هذا الإصدار إلى أن ظهور الخدمة المدنية فى اليابان يرجع إلى نهاية القرن الماضى وبداية هذا القرن بظهور ‏نظام برلماني ديمقراطي يشابه النظام السائد فى الدول الغربية، بالإضافة إلى الاعتماد على كوادر إدارية كانت من خريجى ‏جامعة طوكيو الملكية والذين تم تعيينهم فى قطاع الخدمات دون اشتراط اجتياز اختبارات محددة.‏ ‏ ولقد توالت عدة نظم مع حلول عام 1899 تؤكد على المزايا الخاصة التى يتمتع لها الموظفون المعنيون من قبل ‏الإمبراطور وغيرهم من الموظفين الآخرين، وكانت كلمة ( كارى) تستخدم للتميز بين النوعين. وظل هذا التقليد ساريا حتى ‏نهاية الحرب العالمية الثانية، قد انقسم الموظفون إلى أربع فئات مميزة :- ‏ ‏ 1. موظفو " مجلس الوزراء" والذى يوقع على خطاب تعيينهم الإمبراطور ورئيس الوزراء فى احتفال يتم إجراؤه ‏بالقصر الإمبراطورى.‏ ‏ 2. كبار الموظفين وهم نواب الوزراء ومديرى الإدارات العليا،ويتم تعيينهم بواسطة الإمبراطور دون احتفال.‏ ‏ 3. فئة الموظفين ويقوم بتعيينهم رئيس الوزراء نيابة عن مجلس الوزراء.‏ ‏ 4. فئة الموظفين العموميين العاديين وتقع مسئولية تعيينهم على الوزراء أنفسهم فى مجالات اختصاصاتهم الرئيسية.‏ ‏ وعلى ذلك يرى الباحث أن النظام السابق قد جاء امتداد لثقافة الإقطاع، كما أنه حمل بعض خصائص الخدمة المدنية ‏الحديثة فى أوروبا، وبصفة خاصة فى التقاليد البريطانية والألمانية ولقد استمر نظام الخدمة المدنية مطبقاً حتى عام 1920 ‏وبانهيار الأحزاب والبرلمان تحت الضغط العسكرى أثناء الفترة من 1920 إلى 1930 ظهر باليابان بيروقراطية من نوع ‏جديد حملت التقاليد العسكرية الفاشية.‏ ‏ نظام الخدمة المدنية والإدارة المحلية قبل الحرب العالمية الثانية‏ ‏ يتميز نظام الخدمة المدنية والإدارة المحلية فى اليابان بكونه نظاماً نخبوياً سيطر عليه خريجو جامعة طوكيو بنحو ‏‏47% ولقد جاء خريجى كلية الحقوق فى مقدمة العاملين بجهاز الخدمة المدنية. وبعد الحرب العالمية الثانية جاء الدستور ‏‏1947 ليحدث تغير كبيراً فى البيروقراطية اليابانية، إلا أنه بالرغم تأكيد مسئولية مجلس الوزراء ( السلطة التنفيذية) أمام ‏البرلمان سيطرت البيروقراطية اليابانية على عملية صنع القرار.‏ ‏ ولقد أمكن لعمليات التحديث التى بدأت على يد الميجى فى القرن التاسع عشر من أن تؤسس نظاماً دستورياً موحداً مكن ‏الإمبراطور من أن يفرض نفوذه على المستوى المحلى. وإعطائه مزيداً من السيطرة على البيروقراطية المركزية. وفى عام ‏‏1871 ومع ظهور قانون للإدارة المحلية تم تأسيس نظام محلى مستقل وقسمت اليابان إلى سبع وأربعين مقاطعة إلى ‏المناطق الفرعية وكانت المجالس المحلية بمثابة سلطات تنفيذية تقوم على تنفيذ أوامر الإمبراطور.‏ ‏ السياسات العامة والبيروقراطية الحكومية فى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ‏ لا شك يؤكد الباحث أنه مما فيه أن هزيمة اليابان فى الحرب العالمية الثانية غيرت فى مفهوم البيروقراطية اليابانية ‏لتعمل لصالح المواطنين فى ظل نظام ديمقراطى تم فرضه على اليابان من جانب قوات الولايات المتحدة الأمريكية.‏ ‏ ولم تكن إصلاحات الخدمة العامة فى اليابان فى هذه الفترة نتيجة رغبة أمريكية محضة، وإنما نتاج توسع اليابانيين ‏أنفسهم وضرورة تحقيق الكفاءة الإدارية ولقد نجحت حكومة ‏Kone‏ فى فترتها الثانية 1941-1941 فى إدخال بعض ‏الإصلاحات فى مجال الخدمة المدنية. كما ترتب على الإصلاحات التالية على الحرب تقليل عدد الموظفين الحكوميين بعد ‏منتصف الستينيات، واتجاه الحكومة اليابانية حديثاً نحو تبنى شكل الحكومة الصغيرة بهدف التقليل من النفقات الحكومية.‏

‏ وقد اعتمدت خطة التنمية اليابانية على إستراتيجية للتنمية القومية لا تقوم فقط على النوايا الحسنة والطموحات المعلنة ‏بل على تطويع السياسات الإدارية لخدمة أهداف التنمية الاقتصادية، فعلى المستوى الاقتصادى الكلى اعتمدت اليابان على ‏معدل ثابت وكانت السيطرة الحكومية على الاعتمادات المالية والبنكية وتحقيق درجة أعلى لحماية الزراعة والصناعة ‏واختزال النفقات الحكومية والعمل على تقليص الميزانية وفرض رقابة صارمة على خروج ودخول رؤوس الأموال من ‏الأدوات الرئيسية لتنفيذ برامج النمو الاقتصادي.‏ ‏ ويمكن رصد أهم سمات النظام الاقتصادي وخاصة أبان النمو الاقتصادي السريع فيما يلى:‏ ‏ 1. توجيه الهيكل الاقتصادى لخدمة مصالح المنتج والموزع أكثر من المستهلك.‏ ‏ 2. التشجيع على تبنى إستراتيجية للتوسع الرأسمالى يكون من أهدافها دعم رأس المال لكل من الاستهلاك الخاص ‏والعام.‏ ‏ 3. تعظيم التكامل والاندماج بين الشركات اليابانية للفوائد المتحققة من رأس المال وتوجيه الشركات نحو تلبية ‏احتياجات عملائها.‏ ‏ وفى عام 1980 خرج الإصلاح الإدارى عن نظرته التقليدية الأرثوذكسية للإصلاح وأصبح يتعامل مع مشكلات واقعة ‏للسياسات العامة الحكومية ، وفى عام 1981 أكدت اللجنة المختصة بالإصلاح الإدارى على أهمية الإصلاحات الهيكلية ‏بجانب تبسيط الإجراءات الحكومية والتى أصبحت مصدر انتقادات بعد ذلك نتيجة لظهور مشكلة الفوائض التجارية.‏ ‏ سمات نظام الخدمة المدنية اليابانى ‏ لقد حقق دستور 1947 عدة إصلاحات أساسية فى النظام الإدارى للخدمة المدنية ، منها:‏ ‏ 1. إلغاء وزارة الحربية والبحرية وتأسيس عدد من الوزارات الجديدة مثل شئون الإسكان - العمل إلى جانب عدداً ‏من التنظيمات الإدارية الأخرى.‏ ‏ 2. تغيير مفهوم الوظيفة العامة من موظفين لخدمة الإمبراطور إلى موظفين لخدمة المواطنين والعامة ‏ 3. إنشاء وكالة لشئون الأفراد تكون من مهامها الإشراف على شئون الأفراد داخل الجهاز الحكومى.‏ ‏ 4. عملية صنع السياسة والسلوك البيروقراطى.‏ ‏ 5. تمارس البيروقراطية اليابانية، بصفة عامة، النفوذ والقوة فى تطبيق القوانين ، كما أن الأسلوب المميز لعمل ‏البيروقراطية لا يتم من خلال الأوامر وإنما من خلال إسداء النصيحة. وقوم البيروقراطية اليابانية على أداء هذا الدور من ‏خلال:‏ ‏ 6. إصدار النصح والتوجيه للموظفين المدنيين بخصوص أعمال تتطلب مطابقة القوانين.‏ ‏ 7. إعطاء توجيهات عامة للسياسات والتنسيق الإدارى بين الوكالات المتعاونة فى مجال الإنتاج الصناعى ‏والزراعى على وجه الخصوص.‏ ‏ نظام الرينجى وعملية صنع السياسات ‏ ‏ ويقصد بهذا النظام، أسلوب تداول القرارات الإدارية داخل المنظمات الإدارية حيث أن النجاح الذى تحققه الإدارة فى ‏اليابان لا يعود فقط بين الحكومة ورجال الأعمال وإنما أيضاً للعلاقات الناجحة داخل الجهاز الإدارى نفسه.‏ وبالرغم مما يحققه هذا النظام من مزايا عديدة إلا أنه غالباً ما يواجه عدداً من المشاكل عند التطبيق، نذكر أهمها فيما يلى:‏ ‏ 1. عدم الفعالية، حيث غالباَ ما يستهلك الجهد والوقت فى عمليات التداول بخصوص القرار.‏ ‏ 2. صعوبة تحديد المسئول الحقيقى عن القرار ومن ثم صعوبة تحقيق المساءلة والمحاسبة.‏ ‏ 3. زيادة فرض القيود على القيادة مما يؤدى إلى شل حريتها فى إتخاذ القرارات.‏ ‏ 4. وتعمل الإدارة اليابانية من خلال عدد من المجالس الاستشارية التى لديها القوة بخصوص تقرير السياسات ‏العامة الحكومية، وبصفة عامة يوجد نوعان من هذه المجالس ، هى :‏ ‏ 5. مجالس ذات طبيعة استشارية وخاصة فى القضايا الهامة والمسائل السياسية.‏ ‏ 6. مجالس قانونية تتمتع بسلطة فى القضايا المطروحة.‏ ‏ الخلاصة ‏ منذ بداية النهضة الحديثة فى اليابان، لعبت البيروقراطية الدور الأهم فى تشكيل وتنفيذ السياسات العامة الحكومية، وكما ‏يقول بعض اليابانيين تعتبر دولة إدارية منذ ولاتها، حيث كان الجهاز الإدارى محكوماً سياسيا وموجه نحو خدمة ‏الإمبراطور، على حين تغير ولاؤه لصالح رجال الأعمال والجماهير بشكل عام بعد الحرب العالمية الثانية. إلا أن اليابان قد ‏عرفت نموذجاً لسيطرة رجال الأعمال والحزب الحاكم والنخبة البيروقراطية، ومنذ نهاية 1980 فإن اليابان قد دخلت إلى ‏مرحلة غير مؤكدة المعالم بخصوص مكانية تحقيق التوازن بي الضغوط الناتجة عن الفساد السياسى من ناحية وعدم ‏استقرار الحكومى من ناحية أخرى الأمر الذى يطرح من جديد مناقشة وضع البيروقراطية اليابانية فى السياقين الاجتماعي ‏والتاريخى لها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق