Powered By Blogger

الثلاثاء، 7 أبريل 2009

اليمــــن .. وعصـــــــــــــر التغـــــيير

د.أحمد يحيى الرفيق
إذا كان التغيير يضعه الافراد، فإن التغيير تصنعه الافكار، وفي هدوء وبرؤية جديدة وصافية، نحاول إجراء تشخيص لوضع اليمن، وسط المتغيرات العالمية، إذ أننا نعيش حالياً مرحلة السيولة في المواقف العامة، لاسيما بعد أن برزت الولايات المتحدة الامريكية القطب الاكبر، ففي ظل النظام الجديد، ينبغي ان تتغير المفاهيم، وهذا ما ادركته اليمن، وذلك لتظهر رؤى جديدة تعي المتغيرات بسرعة، ولانه ليس لديها خيار سوى اللحاق بركب التقدم، وتضييق الفجوة بينها وبين البلدان التي خطت وتخطو وبسرعة نحو التقدم، فالملامح والسمات التي يتميزبها العصر الحالي، تقع في الإهتمام بالإقتصاد، لأن الإقتصاد القوي يؤدي الى قوة في المواقف السياسية، كما أن التكتلات الاقتصادية يمكن ان تتحول إلى مركزقوة سياسية، والمتتبع لسياسة اليمن في التغيير يدرك أن التغيير المفاجىء والحاد ليس كله خيراً ، وأن واجب الحكومة هو حماية الغالبية العظمى من اعباء هذا التغيير الحاد ، هذا وقد ادركت الدولة ان التيار العالمي نحو التغيير والتحرر والإصلاح لايمكن مقاومته، فالتجارب التي تبنتها الحكومات المتعاقبة منذ ان تولى فخامة الاخ/ الرئيس -حفظه الله- ادركت انه كلما زادت القيود على النشاط الاقتصادي، كان ذلك في غيرصالحه، وفي غير صالح النمو والتطور، كما أنها ادركت ان وظيفة الحكومة الأساسية في عصر التغيير هي التدخل لتحقيق التوازن الدقيق في العلاقات، سواء الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو السياسية، أو الثقافية، أو الاعلامية اوالامنية.. الخ.
وعندما نحاول أن نلقي الضوء على بعض أحداث التغيير، وعلى الابعاد العالمية حوله فإنه يمكن تلخيصها: في التقهقر للايديولوجيات، والتقدم للتكنولوجيات،.
فالأولى: لم تعد المحك القوي للشعوب أوللتغيرات الإجتماعية والإقتصادية.
والثانية: التقهقر للشموليات، والتقدم للديمقراطيات، اما الثالثة: فهي إنحسار القومية لبعض التنظيمات غير القومية، والرابعة: تقهقر الدولة، وتقدم المجتمع المدني، والخامسة: تقهقر المواجهات المسلحة، وتقدم الحلول السلمية، وهذه التقهقرات الخمس، والتقدمات الخمس كلها مرتبطة معاً.. وفي خضم تلك الاحداث والابعاد ادركت القيادات السياسية العليا وعلى رأسها فخامة الاخ الرئيس -حفظه الله- انه لامجال للعقلية « البيروقراطية» ولارجاءفي الرطانة « الايديولوجية» ولاأمل مع الشعوذة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية .. الخ.
والوقت ليس وقت هزل نحارب فيه « طواحين الهواء» سواءبإستدعاء ماضٍِِ لن يعود، او بإصرار على نقل افكار « بليت» اوبعادات تنتمي الى عصور الظلام، والانحطاط.. فالمتغيرات من حولنا، والمعطيات في بلادنا تؤكد ان الوقت وقت جدلأ بقاء فيه بغير إرادة التقدم لبناء دولة المؤسسات ، وليس ثمة اكثر من التغيير في المستقبل دليل على ان اليمن تملك هذه الإرادة، وتتجلى تلك الارادة في طموحات كل من « حكومة المستقبل» ومجلسي النواب والشورى، ومحاولة القفز على سور التخلف ومواجهة العصر بآليات العصر.. واهم آلية هي آلية تنمية الطاقات البشرية-أي التنمية الانسانية، لكيما يحل مشكلاته بنفسه فأساس التقدم في عصر لعقول والمعلومات لايعتمد على « ثروات» فالاساس هو تنمية « القدرات الانسانية» ولايمكن ان تحدث القفزة في هذا المجال بدون شروط معينة اهمها « الحرية » فالعقول لن تبدع الاّ في بيئة تعترف بمبدأ المغايرة والاختلاف ، فالابداع هو الاستجابة المختلفة للرأي والرأي الآخر.
واذا انتقلنا الى مناقشة ادارة التغيير الاكثر تعقيداً سنجدها الاكبر رقعة والابعد طولاً، لانها تتناول كل شؤون الحياة، اي انها وليدة قوى السوق، وكل شيء يحكمه تفاعل السوق العالمية شئنا ام لم نشأ، والذي سيزيد صعوبة في ذلك انها ليست إجراءات محلية او محدودة يمكن اتخاذها ولكنها عالمية تحتاج للتطويع، وللصقل، وللفرز، بما يتوافق مع البيئة اليمنية.. ومنظمة التغيير منظومة متكاملة لها « حدحرج» تنتهي عندها، ولن تكون القضية هي اختيار الافراد للإدارة، ولكن إختيار النظام للإدارة، ففي « السعيدة» المشكلة تفرض ضرورة ادارة الازمة المعاصرة الاقتصادية والسياسية، والاجتماعية والثقافية، .. الخ.
في مناخ محلي، واقليمي، ودولي والبحث عن قواعد جديدة تٌخلق من العدم ، من خلال ضغوط الازمة، والتغيير هنا لايمكن ان يكون جزئياً ، بل يكون شاملاً وكذلك رفع الحد الحرج للادارة لابد من التعامل مع معلومات واقتصاديات وتشريعات وقوانين.. الخ. تنظم في اطار ليس فقط مقبولاً بل في اطار مفهوم، حتى يمكن التعامل معه ، ولايمكن ملاحظة التغيير إلاُ في التوسع في تطبيق « الديمقراطية» من ناحية والمصارحة والمكاشفة مع الامة اليمنية من ناحية اخرى ولتزداد الصورة وضوحاً فيما تضمنه عنوان اليمن.. وعصر التغيير، فإن التغييرات الاقتصادية منذ خمسة وعشرين عاماً مثلاً :
تتلخص في تغييرات آليات السوق في ادارة الاقتصاد على مستوى الكلي، وتنفيذ برنامج الخصخصة كما حقق تطبيق برامج الاستقرار الاقتصادي، والتكيف الهيكلي نجاحات في مجال تقليص الاختلالات بموازين المدفوعات لتحدد وفق العرض والطلب، واعتبارات الندرة النسبية وتعدد الحاجات، وغيرها من الاعتبارات الاقتصادية، وقد ساهم تحرير سعر الصرف في زيادة التحويلات الخاصة من الخارج ، كما ادى سلاح سعر الفائدة الى تقليص الاستخدام غير الرشيد للإئتمان المصرفي ، غير انه الى جانب اوجه القصور والظواهر السلبية التي ارتبطت بالنجاحات والتغييرات السابقة، فإنها تركزت في جانب الطلب، ولم يؤد الاصلاح الاقتصادي بعد- كما توقعت المؤسسات المالية الدولية حتى في الاجل القصير- الى تطورات إيجابية في جانب الغرض سواءً في ترشيد إدارة الاصلاح الاقتصادي، او في استشراق سبل بناء اليمن الجديد، لهذا فإن المزيد من الجهد العلمي لاغنى عنه لبحث آليات التقدم الاقتصادي والاجتماعي ، وبوجه خاص ضرورة الاجتهاد الفكري في بحث المزج الامثل مستقبلاً بين آليات التقدم: « كإقتصاد السوق، والتخطيط الاقتصادي» «والكفاءة الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية» «والمبادرة الفردية، ودور الدولة» .. الخ.
وفي هذا التغيير ينبغي الانطلاق من انه لاتوجد وصفة جاهزة موحدة وثابتة لهذا المزج، وانما هومتغير، حسب الاقتراب، او الابتعاد من معايير تقويم الأداء، وتحقيق التقدم، ومن هنا يتوجب التوجه الى : اقتصاد السوق، وتغيير نوع الدور الاقتصادي للدولة، بمايزيد من فعاليته،ويؤدي الى التوازن المطلوب في اقتصاديات العرض.
واخيراً وليس آخراً فإن الامر يستلزم - اليوم اكثر من اي يوم مضى -أن نسرع برصد وتحليل التغييرات الحديثة، وكذلك تراكمات الماضي لمواجهتها بإستراتيجية جديدة وجادة، خلال سنوات الربع الاول من القرن الحادي والعشرين، وكذلك إنشاء مجالس متخصصة للبحوث والدراسات الاستراتيجية، وبالتالي تستطيع بلادنا ان تصبح قوة سياسية اقتصادية لا يستهان بها وتستطيع أن تواجه أقطاب العالم الجديد، لا سيما أنه يتوافرلديها المقومات والإمكانات لمواجهة التغيير الذي يواجه عالم اليوم، وحتى عام 5202م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق