Powered By Blogger

الثلاثاء، 17 مارس 2009


الهياكل التنظيمية والمستويات الإدارية
أنواع وأشكال



إعداد: نزار علي الآغا


النسبية على حد اعتقادي هي المقياس الأكثر دقة لحقيقة النتائج المُقوننة, ولهذا سأحاول في هذا التقرير عرض أهم أفكار ونظريات الإدارة التي تهتم بشؤون المستويات الإدارية والهياكل التنظيمية في مؤسسات الأعمال, وذلك في إطار الصيرورة التاريخية التطورية لتلك الأفكار, التي امتلأت بها صفحات الإنترنت والمجلات والكتب, وغالباً ما كانت تلك الأفكار تركز على الأنماط الكلاسيكية التي أكل الزمان عليها وشرب, وتقديمها في إطار حديث تصل جذوره أحياناً إلى العصور القديمة قبل التاريخ, وذلك لأن الإدارة حركية ذهنية -كما أحب أن أسميها- بدأت مع وجود أول عائلة في العالم..




وتجدر الإشارة إلى أنه حتى في لحظة إعداد هذا التقرير يوجد هناك إنتاج أنماط إدارية جديدة آخذين بالحسبان تجارب الشركات الناجحة في إغناء هذه المساحة الإدارية المعرفية, وهنا يمكننا الإشارة إلى أن التنوع الهائل الذي ضرب الأشكال الإدارية, إنما يعود لتطور العملية الاتصالية وتنوعها, وهذا قد أعطى أشكالاً إدارية جديدة بكل معنى الكلمة, وهذا ما لا يمكنك أن تجده صراحة في المراجع المختصة, ومن خلال خبرتي المتواضعة في إدارة التسويق والمبيعات في إحدى المؤسسات الكبرى في المنطقة, والمعنية بتقديم خدمات الأمن والحراسة, أتيح لي التعرف إلى ذلك الواقع المتغير الذي يناقض ما درسناه في الجامعة وفي الدراسات والأبحاث التقليدية المختلفة..



مستويات الإدارة
أحب أن أعبر عن الإدارة بأنها "الحركية الذهنية التي تقود المنظمة نحو تحقيق أهدافها" باستخدام الوظائف الأربعة "أو الأسلحة الأربعة" على حد تعبيري (P.O.L.C)
- Planning التخطيط.
- Organizing التنظيم.
- Leading القيادة.
- Controlling الرقابة.
وذلك في إطار بحوث العمليات لإحراز أفضل النتائج المطلوبة في أقصر وقت وأقل جهد وأقل تكاليف ممكنة.. لذا كان من البديهي وجود أكثر من مستوى إداري في أي منظمة أو مؤسسة أو شركة توافق طبيعة أهدافها وحجمها وبيئتها واستراتيجياتها.. وبشكل عام يمكننا تمييز ثلاثة مستويات إدارية كما يلي:



1. مستوى القمة في الإدارة أو الإدارة العليا
(Top-level management /Senior management)
ويأتي هذا المستوى في قمة الهرم الوظيفي أو التسلسل الإداري في أي مؤسسة ويضمّ المديرين الأكثر سلطة, فهم المسؤولون عن تحديد الأهداف والتخطيط لتحقيقها واتخاذ القرارات الكلية المرتبطة بالمؤسسة, وهم المسؤولون عن أداء المؤسسة كلها, ويطلق على المديرين في هذا المستوى اسم فريق الإدارة العليا. والمناصب التي تقع ضمن هذا المستوى هي:
- الرئيس/ President
- نائب الرئيس/ Vice President
- الرئيس التنفيذي/ CEO Chief Executive Officer
- الرئيس المالي/ CFO Chief Financial Officer
- رئيس العمليات/ COO Chief Operational Officer
- رئيس المعلومات/ CIO Chief Information Officer
- رئيس مجلس الإدارة/ Chairperson of the board



2. مستوى الإدارة الوسطى
(Middle-level management)
التي تلي مستوى الإدارة العليا في الهرم الوظيفي أو التسلسل الإداري في أي مؤسسة, ويضمّ المديرين المسؤولين عن نقل أهداف المؤسسة من الإدارة العليا باتجاه التحقيق من خلال مديري الخط الأمامي, ويقدمون اقتراحاتهم وتصوراتهم حول المؤسسة إلى الإدارة العليا, ويضمّ هذا المستوى:
- المدير العام/ GM. General Manager
- مدير المصنع/ Plant Manager
- المدير الإقليمي/ Regional Manager
- المدير القطاعي/ Divisional Manager



3. مستوى الإدارة الأول أو مديرو الخط الأول
أو كما يطلق على مديريه المشرفين (First-level management/ First-Line Managers/ Supervisors)
وهم المسؤولون يوماً بيوم عن سلامة سير العملية الإنتاجية والعمال المنتجين الحقيقيين للسلعة, أو الذين يقدمون الخدمة المعتمدة في المؤسسة, وهم المنفذون العمليون لأهداف المؤسسة لعلاقتهم المباشرة والمستمرة بالعملية الإنتاجية, ويضمّ هذا المستوى:
- مدير المكتب/ Office Manager
- مدير القسم/ Department Manager
- مدير المخزن/ Store Manager
- قائد العمال/ Crew Leader
- مشرف الوردية/ Shift Supervisor



ومن المفيد ذكر حركة العلاقات بين تلك المستويات الإدارية والمهام الموكلة لكل منها, حيث نجد ارتفاع مستوى التخطيط والتنظيم والرقابة كلما اتجهنا نحو الأعلى في الهرم الوظيفي, حيث تتمتع الإدارة العليا بأعلى درجة منها, والعكس صحيح, حيث تنخفض درجتها نحو أسفل قاع الهرم, أما في القيادة فالأمر معكوس, حيث يحظى مديرو الخط الأول بأعلى درجة من القيادة.
وطبيعة العلاقات بين تلك المستويات (الاتصال الإداري) وطبيعة الهرم الوظيفي هذا ما يدخلنا غمارَ الهياكل التنظيمية في منظمات الأعمال.



الهياكل التنظيمية
يمثل الهيكل التنظيمي للمؤسسة شكل ونطاق حركة العلاقات القائمة بين المستويات الإدارية, ويعدّ الشكل الهرمي (التقليدي) أكثر تلك الأشكال شهرة وانتشاراً وأقدمها, وذلك لأنه انطلق من صلب التنظيم العسكري منذ القديم, ومنه انبثقت الأشكال الأخرى نتيجة تميز وتنوع وتطور العملية الاتصالية بين مستوياته, ويضمّ الهيكل الهرمي في قمته الإدارة العليا, بينما تأتي إدارة الخط الأول في قاعدة الهرم, وتنحصر الإدارة الوسطى بينهما.
الهيكل الهرمي ضيق القاعدة (الرأسي)
يتميز هذا الشكل بزيادة في عدد طبقات الإدارة الوسطى, لذا يتميز بطول الهرم.
الهيكل الهرمي واسع القاعدة (الأفقي)
يتميز هذا الشكل بقلة عدد طبقات الإدارة الوسطى وهذا يجعل الهرم قصيراً.
الهيكل الهرمي المقلوب
أول من طرح هذا الشكل التنظيمي هو (كارلزن) الذي كان يشغل منصب رئيس شركة الخطوط الجوية الإسكندنافية, وقال بأهمية القاعدة في الهرم الوظيفي على القمة، وذلك لأنها على تماس مباشر بالعملاء, لذا يجب أن يكون الهرم الوظيفي مقلوباً من حيث الأهمية في نجاح المؤسسة في أداء عملها وتحقيق أهدافها.
الهيكل الوظيفي
هو من الأشكال التقليدية التي يتم توزيع الإدارات فيه حسب الاختصاص (إدارة مالية, موارد بشرية, تسويق..).. ويتصف هذا الشكل بقلة المرونة وسوء العلاقة بين التخصصات المختلفة لطول الهرم الوظيفي, بمعنى أن مستويات الإدارة كثيرة إلا أنه هيكل اقتصادي لأن كل شيء فيه مركزي.
الهيكل القطاعي
يتم توزيع الإدارات فيه حسب المنتج أو حسب الموقع الجغرافي, فيكون هناك إدارات مخصصة للمنتج X مثلاً منفصلة عن إدارات المنتج Y وكلها تتبع لنفس المؤسسة, أو إدارات مخصصة لفرع الشركة في سورية مثلاً, منفصلة عن إدارات فرعها في الإمارات.. وقد توجد بعض الإدارات المركزية للمؤسسة مثل الموارد البشرية..
الهيكل المصفوفي
يستخدم هذا الهيكل التنظيمي في المؤسسات الكبرى, وهو نموذج مطور عن الهيكل الوظيفي والقطاعي, حيث يتم تقسيم الإدارات حسب التخصص الوظيفي, ويتم تعيين مدير عالي الكفاءة يكون مسؤولاً عن منتج معين, وهكذا يصبح للعمال أكثر من مدير مسؤول (مدير المنتج بالإضافة إلى مديري الإدارات الوظيفية من مالية وتسويق.. وغيرها).
الهيكل الميكانيكي
يتميز هذا الشكل بطول الهرم الوظيفي ودرجة كبيرة من الرسمية والمركزية, وهذا يقلص المرونة ويرفع مستوى الرقابة فيه, لذا تسعى الشركات إلى اعتماد هذا الشكل في حالات الاستقرار وثبات البيئة المحيطة.
الهيكل الحيوي
يتميز هذا الشكل بقصر الهرم الوظيفي على عكس الهيكل الميكانيكي, وهذا بالضرورة يجعل الهيكل عالي المرونة, بالمقابل يقل مستوى الرقابة فيه, ويتمتع بدرجة كبيرة من اللا مركزية واللا رسمية, لذا يعدّ هذا النموذج مناسباً جداً في حالة الشركات المتطورة التي تنتج سلعاً وخدمات متميزة في ظل ظروف بيئة محيطة متغيرة.
الهيكل الشبكي
هو من الأشكال العصرية ويضمّ عدداً هائلاً من العلاقات الاتصالية بين الإدارات والمنظمات بغية تنفيذ الأهداف العامة المطلوبة, وقد يأخذ شكل الشبكة عدة أشكال: النجمة, الدائرة.. وذلك حسب طريق الاتصال.
المنظمة الافتراضية
يتميز هذا الشكل التنظيمي بتفاعل أعضاء منظمة الأعمال بعضهم مع بعض عن طريق وسائل الاتصال البعدية دون أن يلقى بعضهم بعضاً، وذلك لتحقيق الأهداف المطلوبة, وهو من الأشكال الحديثة جداً.
فرق العمل الذاتية الإدارة
يضمّ هذا الشكل فريق عمل لا يتجاوز عددُ أفراده 15 من ذوي المؤهلات العالية, يعملون في شروط عالية من توافر المصادر والمعلومات والصلاحيات لإنجاز مهمة أو إنتاج سلعة أو تقديم خدمة متميزة, وتتم إدارة هذا الفريق ذاتياً من قلب المجموع كروح واحدة دون وجود قائد للفريق.
منظمات التعلم
يتميز هذا الشكل بمنح المديرين حرية كبرى لحركة العمال في تطبيق المفاهيم والمعلومات الجديدة والاستفادة من التجارب, وذلك في حال كانت البيئة المحيطة بالمؤسسة متغيرة باستمرار، وهذا يتطلب في المقابل تغيراً موازياً في المعلومات والبيانات والخبرات القادرة على مواجهة ذلك التغيير, وهذا ما يسمى التغذية الراجعة للمؤسسة التي يجب أن تتغير بالتوازي مع البيئة.
هيكل الدونات (الدائري)/ الإدارة بالفوضى/ نموذج شركة إنتل
من خلال العرض السابق لأشكال الهياكل الوظيفية نجد أنها قائمة على أساس نظرية الهرم على اختلافها وتميزها, فبالرغم من كل التطورات والتغيرات والتنوعات فيها إلا أنها تتبع حركة الهرم في جوهرها, ولكن هذه ليست قاعدة ثابتة في الإدارة, فمن خلال النظر إلى نموذج الإدارة بالفوضى التي تقوم عليه شركة إنتل إحدى أهم شركات البرمجيات في العالم, نجد أن القاعدة هنا تختلف تماماً, فلا وجود لأي هرم في بنائها الوظيفي, حيث يأخذ الهيكل الوظيفي هنا شكل فطيرة الدونات الدائرية حيث يأخذ جميع الموظفين في الشركة مواقعهم بالتساوي على محيط الدائرة، وتربطهم شبكة مفتوحة من العلاقات والاتصالات على درجة كبيرة من اللا رسمية واللا مركزية..
وهذا ما أعطى الشركة تميزها بالقدرة التنافسية العالية والاحتكارات الكبيرة لأهم الإبداعات الرقمية التي غدت الأشهر عالمياً, وذلك لأن هذا النموذج فتح الباب على مصراعيه أمام اقتراحات الموظفين وتجاربهم والمنافسة فيما بينهم التي تصب في النهاية في مركز الدائرة وهي مصلحة الشركة التي هي مصلحة الجميع في الوقت ذاته..

هناك تعليق واحد: